تدوينات تونسية

شيطنة الأمنيين لا يمكن أن تصب إلا في خانة الإستبداد

عبد اللطيف علوي
ما الفرق بين من يسمّيهم “طواغيت”، ومن يعتبرهم أعداء أصليّين دائمين للشّعب، وكأنّهم آليّون شياطين نزلوا من كوكب آخر.
أنا أعرف ماذا يمكن أن يفعل البوليس في ظلّ الدّيكتاتورية، ومن قرأ لي “أسوار الجنّة” و”الثقب الأسود” سيجد من الحجج أكثر ممّا يحتاج.
لكنّ مشكلتنا الحقيقيّة والأصليّة مع الديكتاتوريّة وليست مع الأمنيّين، وحين تتغيّر الماكينة الّتي تتحكّم في رقابهم وظروف عملهم وعقيدتهم، سيتغيّر الفعل الأمنيّ في هذه البلاد ليصبح خدمة عموميّة وطنيّة مثل باقي الخدمات، كالنّقل والصّحّة والتّعليم وغيرها…
الكثيرون لا يرون إلاّ الذّبابة الّتي تحطّ فوق أنوفهم مباشرة، ويحكمون على المسار برمّته من خلال اللّحظة الرّاهنة. صحيح أنّ الجسم الأمنيّ مازال يعاني من أمراض الاستبداد والفساد، لأنّ العقيدة الّتي حكمته طيلة عقود عقيدة فاسدة تضعه فوق المجتمع ومتسلّطا عليه لا خادما له ومنتميا إليه.
الدّيموقراطيّة والحرّيّة هي وحدها الكفيلة بمعالجة هذه الأمراض، ولكنّها ستأخذ الوقت الّذي يجب أن تأخذه، فلا يجب أن نكتفي بالنّظر إلى ما تحت أقدامنا.
في البداية سيتعامل الكثير من الأمنيّين مع اللحظة الانتخابيّة بنفس العقليّة والثّقافة التي لم يعرفوا سواها، وربّما سينتخبون الفاسدين، لكنّهم مع الزّمن ومرّة تلو مرّة، سيتخلّصون بالتّدريج من سلطة النّظام عليهم ويدخلون إلى الخلوة مواطنين عاديّين يفكّرون في أبنائهم ومصيرهم ومستقبلهم.
المسألة هنا مرتبطة بالوقت وبالإنسان وليست مرتبطة بالملائكة ولا بالشّياطين.
مثلما جعلهم الاستبداد أداة للقمع والاضطهاد، الدّيموقراطيّة تستطيع أن تجعلهم أداة لحماية الحقوق وإنفاذ القانون وحماية الحرّيات.
متى يحدث هذا؟ عندما نؤمن بعامل الزّمن، ونتخلّص من القوالب الجاهزة والنّظرة العدائيّة تجاه الأمنيّين، ونصبر على أشواك الطّريق الطّويل.
#عبد_اللطيف_علوي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock