تدوينات عربية

عن إبادة مخيم اليرموك شعبًا وكيانًا

محمد خير موسى

ما يجري في مخيّم اليرموك ليس عمليّة تحريرٍ من داعش بل هو تدمير ممنهج يتمُّ من خلاله مسح ‏مخيّم اليرموك عن الخارطة مسحًا تامًّا حيث يقوم الغزاة بتدمير المخيّم حارةً حارة، وبنايةً بناية، ‏وبيتًا بيتًا.‏
محاربة داعش هي الذريعة التي يستخدمها النّظام ومعه إيران وروسيا لمسح مخيّم اليرموك عن وجه ‏سوريا الجديدة، وكلّ من يتساوق مع هذه الذريعة لتبرير تدمير المخيّم والدّفاع عن الجريمة إمَّا غبيّ ‏جاهل أو عميلٌ مرتزق.‏
تدمير مخيّم اليرموك هو إنهاء حقيقيّ للوجود الفلسطينيّ في سورية، فمخيّم اليرموك هو عاصمة ‏الشتات الفلسطينيّ، وهو واسطة عقد الوجود الفلسطيني وبانتهائه ينفرط العقد ولا قيمة للتناثر ‏الفلسطينيّ على الأرض السورية بعد محو كيانهم الذي أرّق قادة العدوّ الصهيونيّ من شارون إلى ‏نتنياهو.‏
محو مخيّم اليرموك عن الأرض السوريّة هو انسجامٌ تامّ مع مشروع القرن الذي أعلنه ترامب ويقوم ‏في إحدى ركائزه على إنهاء حقّ العودة وتدمير كلّ الكيانات المحافظة على الهويّة الفلسطينيّة، ‏ومخيّم اليرموك هو الكيان الأكبر والأبرز المحقّق لهذه الهويّة فمحوه عن خارطة الوجود هو تنفيذ ‏لإرادة الكيان الصّهيونيّ، وهذا التنفيذ يأتي بأيدي النّظام السوريّ وحزب الله وإيران وبعض ‏الفصائل الفلسطينيّة المرتزقة في تأكيد فاضح على كذبة المقاومة والممانعة التي ما فتئ هؤلاء ‏الدّجالون من المتاجرة بها.‏
صمت الفصائل الفلسطينيّة عن تدمير مخيّم اليرموك غير مفهوم وغير مقبول وغير مبرَّر وغير ‏سياسي ولا أخلاقي ولا إنساني على الإطلاق، فما يجري لمخيّم اليرموك يستهدف القضيّة ‏الفلسطينيّة في أحد أهمّ ركائزها وأركانها، ويستهدف آلاف المدنيّين الفلسطينيين الذين يتعرّضون ‏لمجزرة من أبشع المجازر التي مرّت في تاريخ الشّعب الفلسطيني.‏
وغير مقبولٍ وغير مفهومٍ وغير مبرّر وغير أخلاقي صمت جميع الفصائل الثوريّة السوريّة ومؤسسات المعارضة ‏السوريّة جميعها عن تدمير مخيم اليرموك في صمتٍ تكرّر مع كلّ ما تعرّض له المخيّم من مآسي ‏ومجاعات ومجازر مما يوحي بدلالاتٍ غير مقبولة على الإطلاق.‏
أمَّا صمت عموم الناشطين الثوريّين السوريين عما يجري من تدمير لمخيّم اليرموك فهو معيب ‏وقميء ومقرف، فما يجري لمخيّم اليرموك لا يختلف عما جرى في حلب والغوطة، ثمّ نشهد ‏صمتًا مقرفًا تجاه ما يتعرّض له المخيم، وبعض الذين تحدّثوا بخجل معيب من باب رفع العتب ‏تحدّثوا عن قصف جنوب دمشق، وكأنّهم خجلوا أن يدافعوا عن مخيّم اليرموك وعن أهله ‏وشعبه؟!! لهؤلاء نقول: يا حيف عليكم وعلى انتمائكم الثوري العنصريّ المقرف.‏

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock