سلطة مرتبكة ونقابة عنيدة
إمحمد ضيف الله
لأن في هذا الفضاء هناك “trop-plein” من رجال ونساء التعليم ومنهم أقارب أعزاء وأصدقاء فلم أكتب حرفا واحدا عن تحركاتهم حتى أن أحد أصدقائي من غير المنتمين للتعليم ومن المتابعين لكتاباتي منذ كنت أكتب بالصحافة الورقية سألني لماذا لم أعلق عما يجري؟…
– رجال ونساء التعليم بقطاعاته الثلاثة هم نخبة هذا المجتمع وفي كل دولة في العالم تحترم نفسها وقد قال الأدباء والشعراء فيهم مالم يقولوه في الملوك والسلاطين طبعا من المديح والثناء.
وحين يطلب رجل التعليم أن تقع تحسين أوضاعه المهنية وظروف عمله بالمؤسسة التربوية فذاك حق يراد به حق ولا ريب.
ولكن الأسلوب والطريقة المعتمدة من قبل نقابة التعليم الثانوي خاصة ومكتبها التنفيذي جعلت من تلك المطالب حججا ضد المربي والمربية لدى الأولياء خصوصا، فحجب الأعداد كسلاح للمعركة ضد الحكومة لم تتضرر منه الحكومة بقدر ما مس هيبة المدرس في نظر الولي وربما التلميذ ليقيننا أن جل أفراد الشعب المقهور يرتاد أبناؤه المدرسة العمومية مع إيماني وقناعتي بأن الدولة قد خربت هذه المدرسة بسياساتها العرجاء على مدى عقود من الزمن…
فهل أن رجال التعليم أبرياء جميعهم مما يقع ؟ طبعا لا فالموظف العمومي الذي يتندر عدد كبير من الأساتذة بمدى مواضبته على العمل والإنتاج وتقديم الخدمة العمومية الجيدة في المرفق العمومي للمتلقي من عدمها وهم في جزء كبير محقون في تعليقهم (أي الأساتذة) هذا الموظف التونسي يشبه كثيرا رجل التعليم في سلوكه لأن الأستاذ أيضا يدخر نسبة كبيرة من إنتاجه بالقسم للدروس الخصوصية التي يبني منها الكوبل المتزوج مثلا الفيلات والسيارات بينما لا يقدم كل ما يملك من طاقة في قاعة الدرس. والحالة تلك تنسحب على أستاذ التعليم العالي كذلك مع أن موضة الدروس الخصوصية في القطاع لم تنتشر. التعليم في تونس ضاع بين سلطة مرتبكة مترددة لا تستشرف المستقبل وقرارها ليس بيدها وبين نقابة مهنية طغت على مطالبها الأنانية والعناد.