تدوينات عربية

غياب حفتر.. فرصة جديدة لليبيين

أحمد القاري
غياب حفتر عن المشهد الليبي يعطي فرصة جديدة لليبيين للعمل من أجل توافق على طريقة لحكم البلد.
لا يمكن لليبيا أن تحكم بالأكثرية لشدة التفاوت بين عدد سكان الأقاليم الثلاثة، برقة وطرابلس وفزان. وهذا هو حال ديمقراطيات عريقة في العالم مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وغيرها. فالأكثرية لا تحكم وإنما يوجد توازن بين صوت الأكثرية وصوت الأقاليم بصيغة توافقية تختلف من حالة لأخرى.
ولا يمكن أن تَحْكُمَ الأقاليم وتتساوى بغض النظر عن عدد السكان ففي ذلك إجحاف كبير وغمط لحقوق الناس. خاصة في الحالة الليبية فمعظم السكان متركزون في الغرب أي إقليم طرابلس.
ويمكن التعلم من النموذج الأميركي. فبعد انتصار الثورة عاشت الولايات المتحدة سنوات من الفوضى حتى اقتنع ممثلو الدول الولايات بضرورة التوافق على حكم فيدرالي يمثل فيه مجلس النواب السكان ومجلس الشيوخ الولايات وتوضع فيه التشريعات والسياسات التنفيذية بناء على التوافق وليس على صوت الأغلبية العددية وحده.
وتتميز الحالة الليبية اليوم بغياب قوة واحدة يمكنها الاسبتداد بالحكم. لذلك باءت محاولات حفتر للانقلاب بالفشل.
كما تتميز ببناء حكم محلي قوي تمارس فيه البلديات صلاحيات واسعة تشمل المجال السياسي. وترفض كل بلدية ما كان يجري لمنطقتها من تهمش وإهمال في عهد القذافي.
والنزاع الليبي حاليا أقرب إلى حرب باردة منه إلى نزاع مسلح. ومعظم الجبهات تشهد هدوءا يمكن أن يتحول إلى سلم طويل الأمد لو توقفت القوى الأجنبية عن التدخل في الشأن الليبي.
وقبل كل شيء على الليبيين الإيمان بأن التغيير بأيديهم. والتخلي عن خطاب الإحباط والتثبيط. واستبداله بلغة تحث الهمم وتحتفل بكل إنجاز. وتؤكد على عناصر الهوية والمصلحة المشتركة وتبحث في نماذج الحكم التي يمكن الاستفادة منها لبناء نموذج ليبي يمكنه الصمود في وجه التحديات.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock