تدوينات تونسية

مع الصحفي حافظ الغريبي: ذكريات من زمن الإنقلاب

أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
عن طريق الصدفة تابعت عشية يوم الاثنين 9 أفريل الجاري البرنامج الإخباري بالتلفزة الوطنية الأولى “75 دقيقة” وهو من تقديم الصحفي شاكر بالشيخ.
وقد أورد مقدم البرنامج بمناسبة حديثه عن معرض الكتاب تعليقا لي -دونته في 7 أفريل الجاري- حول موقف مدير المعرض (شكري المبخوت) من بعض الكتب (المتطرفة وغير الحداثية !) التي يمكن أن تتسرب (ولا أدري كيف !) وتعهده بغلق الجناح برمته (هكذا) إذا ثبت ذلك.
وحتى لا أعيد كامل ما قلته أشير إلى تساؤلي: متى كان المثقفون يتحدثون هكذا ؟! وإلى تأكيدي أن “أشباه هؤلاء هم الذين “يفلسفون” لنا الإستبداد تحت مظلة “مكافحة التطرف” ويرهبون الناس بعجرفتهم “الإيديولوجية” وإذا تولوا المناصب يقتلوننا بلغتهم الخشبية !.” (أنظر التدوينة كاملة: معرض تونس حداثي… ونحن بالمرصاد ! -موقع تدوينات- 7 أفريل 2018).
وربما من سوء طالعي (أو طالعه !) أن مقدم البرنامج قد عرض مضمون التدوينة على الصحفي حافظ الغريبي الذي يقوم بدور المعلق (ولكن بشكل سيئ وغير محايد!).
المعلق قال ما فحواه أنه يأخذ كلامي عموما بكل احتراز وأن “ميولاتي السياسية” (كذا) تختلف عن توجهات شكري المبخوت ولذلك يمكن فهم هذا التعارض بين الموقفين لكنه يؤيد موقف مدير المعرض (الذي أغلق جناحا برمته بعد العثور على “كتاب متطرف”!).
لكن من هذا الذي يعرض نفسه على أنه صحفي “حداثي” وينصب نفسه حكما على توجهات الناس ؟!
وحتى لا أظلم هذا المعلق أريد أن أتحدث فقط عن وقائع سابقة جمعتني به دون أن نلتقي وجها لوجه.
وقبل ذلك هو يقدم نفسه على أنه متحصل على الأستاذية في علم النفس وله خبرة تقدر بثلاثين سنة في الإعلام، فضلا عن أنه رئيس تحرير “الصباح نيوز” ورئيس التحرير سابقا لجريدة “الصباح” وجريدة “الصباح الأسبوعي”.
والذي يهمني أن أعلم به الناس أن رأي حافظ الغريبي (الذي ظهر عدوانيا) لم يكن متجردا عن الدوافع الشخصية التي ترتبط بخصومة سابقة مع جمعية القضاة التونسيين (وليس معي شخصيا !).
ولا أذيع سرا -على الأقل بالنسبة لمن كانوا قريبين من وقائع الإنقلاب على جمعية القضاة التونسيين في سنة 2005- أن حافظ الغريبي كان أثناء عمله حينذاك بدار الصباح إحدى حلقات تنفيذ الإنقلاب (في شقه الإعلامي) وذلك في ارتباط وثيق يوزبر العدل الأسبق البشير التكاري.
وربما هو لا يعلم أصلا أني أودعت في 14 جوان 2016 ملفا بهيئة الحقيقة والكرامة بصفتي رئيسا سابقا لجمعية القضاة التونسيين وذلك على خلفية الإنتهاكات الموجهة ضدها وضد الحقوق الأساسية لمنخرطيها وخصوصا ما تعلق بتداعيات الإنقلاب على الهيكل التمثيلي للقضاة وما رافق ذلك من انتهاكات جسيمة لحرية التعبير والتجمع السلمي.
وقد أدليت بعد ذلك -في 6 جانفي 2017- بإفادتي في جلسة سرية وثقت فيها الإنتهاكات الصحفية التي كانت وراء التحريض على الإنقلاب والإساءة إلى عدد من المنتسبين للجمعية والمساس من اعتبارهم وسمعتهم.
وأذكر في هذا الخصوص أني لما كنت رئيسا لجمعية القضاة التونسيين (المنقلب عليها) لاحظت لحافظ الغريبي -في مكالمة هاتفية خلال شهر جوان 2005- أن سلسلة من مقالاته المنشورة خصوصا في 13 و20 جوان 2005 بجريدة الصباح الأسبوعي (بإمضاء حافظ) تتضمن تحريفا للوقائع حول اجتماعات جمعية القضاة -في وقت هجوم السلطة عليها- وأن ذلك يتعارض مع الأمانة الصحفية. وقد رد علي حينذاك بقوله “إنه صحفي مستقل وأنه كان سببا لعزل وزير من منصبه !”.
كما أذكر أن جريدة الصباح قد رفضت في شهر جوان 2005 نشر دعوة صادرة عن رئيس جمعية القضاة التونسيين لعقد جلسة عامة خارقة للعادة بنادي سكرة في 3 جويلية 2005 رغم تسلمها طلبا في ذلك طبق القانون. وقد بررت إدارة الصحيفة هذا الفعل بأن وزير العدل (البشير التكاري) قد أفادها بوجود خلافات عميقة بين أعضاء الجمعية. ولازلت إلى الآن أحتفظ بوصل الإستلام المتعلق بالمطلب المذكور، علما وأني قد رفضت دعوة إدارة الصحيفة لاسترجاع معلوم النشر الذي دفعته الجمعية عند إيداع المطلب.
وربما أذيع في هذا السياق سرا حول حقيقة ارتباط حافظ الغريبي بالوسط القضائي التي مردها انتماء أحد اشقائه (وهو ع.د) إلى القضاء. ولعل ذلك قد ساعد صديقنا “المستقل” على جمع المعلومات حول “أزمة جمعية القضاة التونسيين” التي عزمت السلطة في صيف 2005 على تصفيتها.
وحتى لا أتجنى على تاريخ قريب (يعود إلى 12 سنة مضت!) لا شك أن حافظ الغريبي لا زال يذكر مقالا “مشهودا” نشره يوم الإثنين 4 جويلية 2005 بجريدة الصباح الأسبوعى، بإمضاء حافظ.غ وتحت عنوان “القضاة يسحبون الثقة من رئيس جمعيتهم ومن أعضاء المكتب التنفيذي..”، تعرض فيه إلى وقائع مختلقة عن الجلسة العامة الخارقة للعادة المنعقدة بنادي القضاة بسكرة يوم الأحد 3 جويلية 2005 دون أن يحضرها.
وفضلا عن ذلك تولى -في ذات المقال- تحريف قرارات تلك الجلسة (طبق الرواية الإنقلابية التي قامت بترويجها السلطة) وذلك بنشر لائحة “مزورة” لم تصدر عن الجلسة العامة تتضمن -حسب “اكاذيبه”- سحب الثقة من رئيس الجمعية (أحمد الرحموني) ومكتبها التنفيذي وتعيين هيئة مؤقتة لإدارتها فضلا عن معطيات “مدلسة” تتعلق بعدد الحضور وإجراءات الجلسة وتدخلات الأعضاء…الخ.
ولعل الشخص نفسه يذكر تعرضنا -في إعلام صحفي صادر في 28 فيفري 2011 عن جمعية القضاة التونسيين بإمضاء رئيسها أحمد الرحموني- إلى ذلك المقال المشهود! “الذي أورد بيانا مزورا كان مستندا للإنقلاب على الجمعية.”.
وبالتأكيد لم تكن الصدفة ولا الكفاءة سببا في تحصيل صديقنا “المستقل” في نفس سنة الإنقلاب على الوسام الوطني للإستحقاق بعنوان القطاع الثقافي لسنة 2005 بتكليف من الرئيس المخلوع “في إطارالسنة الحميدة التي أقرها رئيس الدولة لتكريم رجالات الفن والثقافة والإعلام! “حسبما ورد بوكالة الأنباء الرسمية.
وبعد كل ذلك هل بقي للصحفي حافظ الغريبي مجال للبحث عن “ميولاتي” وأن يرمي الناس بالطوب وبيته من زجاج؟!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock