تدوينات تونسية

ما تأخذه النقابات باليمين، يأكله التضخم بالشمال

رشدي بوعزيز
معدل التضخم في تونس وصل إلى 7،5%، وهو مستوى مقلق جدا، ويفيد بأن نفس المواد الاستهلاكية العادية التي اشتراها المواطن في 2017 بـ 100 دينار، يشتريها هي نفسها في 2018 بـ 107،500 دينار.
السبب الرئيسي لهذا المعدل المقلق هو إرتفاع حجم السيولة المالية في البلاد بنسبة تتجاوز بكثير نسبة نمو الإقتصاد، فيؤدي هذا الخلل إلى اختلال ميزان العرض والطلب، فارتفاع مستمر في الأسعار، ففقدان مستمر للقوة الشرائية للعملة، فضعف لثقة المواطن فيها، ومن ثمة تتدهور قيمتها ويضعف الطلب عليها في مقابل إرتفاع الطلب على العملات الأجنبية الأخرى، وبذلك بدأت قيمة الدينار في التدهور مقابل اليورو والدولار بالخصوص.
تدهور شهد أوجه في السنتين الأخيرتين، حيث انخفض سعر الدينار مقابل اليورو بنسبة 9،5% في 2016 و21،5% في 2017، وهو ما يعني وأن المادة الأولية التي كانت كلفة شراء الوحدة منها 100 دينار في 2016 أصبحت كلفتها 131 دينار في 2018، دون احتساب ترفيع المصدر لأسعاره.
تضخم أدى إلى انخفاض كبير في القوة الشرائية للنقود وأكبر المتضررين منه هم الأجراء وأصحاب المداخيل الثابتة، وأعاد في المقابل توزيع الثروة بطريقة غير عادلة، حيث زادت مداخيل أصحاب المشاريع والمنتجين بفعل الزيادة المشطة في أسعار بيع منتجاتهم.
وهكذا، دخلنا في حلقة مفرغة: زيادات في الأجور – إرتفاع في الطلب – نمو اقتصادي بطيء – تضخم مالي. حلقة لا بد وأن يعي الجميع خطورتها، وخصوصا النقابات، التي من حقها المطالبة بتحسين وضع منظوريها المادي، ولكن واجب عليها مطالبتهم بمردود ومردودية أكبر، وحتم عليها الضغط على أصحاب العمل لتهيئة الظروف الملائمة لذلك، حتى لا يأكل التضخم غدا ما تحصل عليه النقابات اليوم، “وتحجب اليوم المردودية، نحجب غدوة الشهرية”، وقديما قال الحكماء: “المتسلفة مردودة”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock