تدوينات تونسية

رمزية بن سدرين والذهاب إلى جحر الضبع

بحري العرفاوي

أرى أن حركة النهضة هي الأكثر استفادة من بقاء سهام بن سدرين وهيئة الحقيقة والكرامة -لكونها الأكثر تضررا زمن الاستبداد- ولكن أرى أنها غير قادرة على الدفاع عن بقائها وستسَلم بحل يقترحه الرئيس وبمشروع جديد يُعده النداء بديلا عن سهام وعن تركيبة هيئتها، سيكون المشروع مراعيا بمقدار لحقوق الضحايا وضامنا لجبر مقدار من الضرر للتخفيف من وقع “الانقلاب” ولعدم إحراج قيادة النهضة وأساسا الأستاذ راشد أمام جماهيره الغاضبة…

تدخلات بعض رموز النهضة لم تكن دفاعا مستميتا عن الهيئة ورئيستها بل كانت تذكيرا بالعذابات وهو أشبه بمن كان يستحلب ناقة في الرمل أي خارج وعاء أي خارج “الهيئة” ومشروعيتها، بل سمعنا وقرأنا ما نفهم منه عدم التمسك بالرئيسة أي إن سهام على “طاولة” التفاوض وقد جاء في النقطة الثالثة بين بيان المكتب التنفيذي البارحة: “3 – اعتبار العدالة الانتقالية استحقاقًا وطنيًّا متعدّد المسارات يجب توفير شروط استكماله وإنجاحه بقطع النظر عن من يدير هذا الملف” وهو أمر أعتقد أنه يشي بتراجع عن مواقع تبدو هي الأخيرة في خطوط “الكفاح” المدني والقانوني والدستوري ضد هجمة “القديمة” كما يقول الصديق بوعجيلة… ممثلو “القديمة” رأيناهم وسمعناهم يتكلمون باستعلاء ما كان ليكون لولا أنهم تشمموا روائح “المطبخ” الذي يفتح عليهم نوافذه… وليد جلاد تكلم بوضوح عن “توافق” حصل على تغيير سهام بن سدرين.
النهضة التي ليس لها سند قوي في منظمات أصيلة وكبيرة كاتحاد الشغل ونقابة الصحفيين ورابطة حقوق الانسان واتحاد المرأة واتحاد الكتاب ليس لها لحد الآن إلا هيئة الحقيقة والكرامة تحافظ على معاني “الثورة” وعناوين العدالة وجبر الضرر ومحاسبة الجلادين وفتح الملفات ووو…
حركة النهضة تتوسّدُ جبلا من الرصيد النضالي وتقف على باب مَنْجَمٍ من الأوجاع والعذابات والمرارة فليس لها أن تصْرف “ثروتها” تلك بغير “ثمن” سياسي وبغير أوسمة اعتبارية لنسائها ورجالها فلا يليق أن يصرخ بوجوههم “أولاد القديمة” يقدمون أنفسهم “مناضلين”.
إذا استطاع الباجي/النداء تجريد النهضة من آخر أدواتها الكفاحية فسيكون قد دخل بها “جحر الضبع” ليتفرغ إلى “تفصيل” الإنتخابات البلدية ثم البرلمانية والرئاسية وقد تخلينا عن الحبر الأزرق تسهيلا لعملية الإخراج الفني لتفصيل النتائج قبل الذهاب إلى الصناديق.
مصارحة الناس ضرورية حتى يكونوا على بينة من أمرهم فيستعدون بإرادتهم واختيارهم ووعيهم للمستقبل… خطابات البطولات والشعوبوية والطمأنة خطابات ماكرة وغادرة ومُضللة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock