تدوينات تونسية

البنوك تستغل ضعف الخزينة العمومية

رؤوف الغشام

تمر الدولة خلال الثلاثية الأولى من 2018 بأزمة مالية عمومية حادة، أجبرتها مؤخرا لحل داخلي تمثل في الإقتراض من صلب المنظومة البنكية مبلغ 600 مليون دينار على مدة 3 أشهر بنسبة فائدة 6 %، للإيفاء بالتزامات صرف الأجور وجملة المصاريف العمومية والتنموية المستوجبة، وهذا خيار لا يترجم غير عدم قدرة المنظومة الجبائية لتعبئة الموارد لمجابهة الإلتزامات جراء البيروقراطية العمياء، وتم هذا الإقتراض رغم حزمة التشريعات في الأداءات والجمارك والرسوم والخطايا…إلخ. ومجمل ما تم إصداره بقانون المالية 2018 لتعبئة الموارد والخزينة العامة.

كما تعتبر عملية الإقتراض التي إلتجأت إليها الدولة التونسية من بنوكها المحلية، قد تحول اليوم القطاع البنكي من قطاع ممول للإستثمار إلى قطاع بنكي “سمسار”، فهو تجاريا قد وجد الدولة حريفه المثالي بدون أي عناء وبسعر فائدة مربح ووقت وجيز، فمن حيث المردودية التجارية باعتبار وجود القطاع الخاص في المنظومة التونسية لا حاجة له لعناء تمويل باعثي المشاريع الذين قد يجد صعوبات معهم في توفر الضمانات، وهنا يخلق إشكالا جديدا في مشهد تمويل المشاريع الإقتصادية عامة، وقد يكون له تداعياته على السياسة النقدية من البنك المركزي والعرض المالي العام خلال الفترات القريبة القادمة إن تواصلت العملية وتواترت.
نقول هذا، لأننا نرى أن القطاع البنكي بصدد إستغلال ضعف الخزينة العمومية من السيولة، وهو يعلم أن الدولة تبحث عن أقل أعباء باعتبار أنها مع الخارج ستقترض بالعملة الصعبة، وهي وضعية لا تحبذها الدولة أيضا لحاجتها للعملة الصعبة وتدحرج قيمة الدينار التونسي، وهنا يمكننا إعتبار أن القطاع البنكي تحول إلى قطاع مرتبط بأزمة إقتصاد وليس بجودة خدمات ولا بمنظومة إنتاج وتمويل مشاريع إقتصادية، وهنا نحكم عليه مسبقا في هذا الإتجاه بالفشل إن دأبت الدولة في هذا المسار الذي قد يوقف تمويل الدورة الإقتصادية لبعث المشاريع في بطالة بلغت 16%  يحتاج فيها العاطلون عن العمل الدعم المفقود وطرق التمويل لمشاريعهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock