تدوينات تونسية

المحكمة الدستورية لن تكون على الأرجح لا حرّة.. ولا مستقلّة

عبد اللّطيف درباله
المحكمة الدستورية التي سيقع بعثها لأوّل مرّة في تاريخ تونس.. والتي فرضها دستور 2014 الجديد ما بعد الثورة لتكون أداة تكريس علويّة الدستور وترسيخ دولة القانون ومنع تجاوزات الحكّام ومختلف السلط التنفيذيّة والتشريعيّة والقضائيّة وكلّ الأطراف الأخرى في الدولة للدستور.. لن تكون على الأرجح.. لا حرّة.. ولا مستقلّة.. ولا نزيهة.. ولا محايدة..!!
يكفي أن تلقي نظرة على أغلب الأسماء المرشحّة للتصويت في البرلمان لتدرك ذلك على الفور..!!
هذا عدا طبعا عن الأعضاء الذين سيعيّنهم رئيس الجمهوريّة السبسي مباشرة بمفرده..!!!
إضافة إلى الأعضاء الذين سيعيّنهم المجلس الأعلى للقضاء “المتسيّس” بدوره.. والذي يمثّل ويعكس بتركيبته الحاليّة (ويا للعجب!) مختلف الأحزاب واللوبيّات ومراكز القوى السياسيّة في البلاد اليوم..!!
بعد أن أجّل رئيس الجمهورية المفدّى الباجي قايد السبسي.. ومن معه تنصيب المحكمة الدستوريّة إلى أقصى حدّ ممكن منذ مجيئهم إلى السلطة.. ربّما كان حرصهم اليوم على إتمام تأسيسها ليس مردّه الحرص على إتمام تكوين مختلف الهياكل الدستوريّة.. وإنّما قد يكون الهدف الخفيّ هو الاستعداد لتنقيح الدستور.. وربّما تغيير نظام الحكم قريبا.. وهو ما تستلزم إجراءاته بالضرورة وجود المحكمة الدستوريّة..!!
المصيبة الأكبر.. هي أنّ عضويّة أعضاء المحكمة الدستوريّة ستمتدّ لتسع (9) سنوات كاملة (مع تجديد جزئي لثلث أعضائها كلّ ثلاث سنوات).. لتغطّي الهيئة التي سيقع تنصيبها قريبا.. كامل الفترة السياسيّة التي تشمل بقيّة هذه المدّة التشريعيّة والرئاسيّة.. وتغطّي أيضا كامل المدّة الثانية من سنة 2019 إلى سنة 2024.. بل وتغطّي ربّما كامل النصف الأوّل من المدّة الثالثة ما بعد سنة 2024..!!!
أي أنّ هذه الشخصيّات والأسماء التي سيقوم نظام السبسي بتنصيبها اليوم لتمسك بمقاليد المحكمة الدستوريّة.. ستتحكّم في مصيرنا السياسي لمدّة تسع سنوات كاملة حتّى ولو صعدت قوى سياسيّة إيجابيّة جديدة بعد إنتخابات سنة 2019.. أو 2024..!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock