مقالات

القوة العسكرية الروسية: الاستعراض والترهيب

ليلى الهيشري
صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر علمي روسي يتعلق بالعمليات العسكرية للجيش الروسي ضد الإرهاب في الساحة السورية، بأن “العالم أصبح على دراية بقوة الجيش الروسي” مؤكدا على قدرة بلاده الرد على أي تهديد نووي يطال الأمن الروسي في أي مكان في العالم وأن الواقع الجديد بعد مشاركتها في سوريا شكل تحولا إيجابيا قد يعيد أمجاد الدب الروسي إلى العصر الذهبي للاتحاد السوفياتي.
1. عرض مفصل للمنظومة العسكرية الميدانية الروسية في سوريا:
كشف بوتين مؤخرا عن وضع السوق العالمي الذي انخرطت فيه روسيا الذي سمح لها بتصدير المنتج الروسي من الأسلحة الخفيفة والثقيلة إلى 59 دولة باعتباره عددا غير نهائي، مع تصاعد نسق المفاوضات مع حرفاء جدد، وهو ما ساهم في محافظتها على موقعها كثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد موقع سبوتنيك على إعلان بوتين توظيف روسيا لـ215 نوع من الأسلحة المتطورة وكل الأسلحة المستعملة في الساحة السورية لمكافحة الإرهاب، وخاصة الصواريخ طويلة المدى من نوع كاليبر وكه-101 التي حققت نجاحات كبرى ساهمت في زيادة الطلب على المنتوج الروسي. كما تم استعمال الأسطول الجوي لكسب معارك هامة، حيث نجحت الطائرات المطاردة والطائرات الحاملة لصواريخ من نوع اس-400 و بانتسير دون طيار في الإستئثار على كامل المجال الجوي السوري.
كما ثمن دور الأسطول البحري في تدمير البنية التحتية للإرهابيين بالضربات الاستراتيجية الدقيقة عبر الغواصات التقليدية وأشاد بدور حاملات الطائرات التي كان لها دور كبير في إنجاح مهمات الطائرات الروسية من نوع سوخوي 33 والميغ 29 ك.
2. استياء دولي من اكتساح روسي للسوق الشرق أوسطية واستقطاب الدول الغنية:
ولقد بادر النظام الصهيوني إلى التعبير عن قلقه من خطورة الاستعراضات العسكرية للمنتوج العسكري الروسي على الأرض السورية في السنوات الأخيرة والذي تزامن مع تعليق لأحد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين في تصريح للقناة الثانية الإسرائيلية شدد فيها على وجود منظومة حربية روسية متكاملة في سوريا، خاصة مع تواجد طائرات مقاتلة شديدة التطور مثل سوخوي 30، والتي تشكل جزءا من منظومة دفاعية متطورة أنشأت لمواجهة أساطيل حربية ولإدارة حروب طويلة الأمد، خاصة وأن خطة روسيا في مكافحة الإرهابيين المتواجدين في بعض المناطق كالغوطة وإدلب لا تتطلب كل هذه المعدات والمنتوجات العسكرية المتطورة والتي زادت خطورتها في نهاية 2017، حيث أعلن بوتين في كلمة له أمام المشرعين الروس أن “روسيا اختبرت مجموعة من الأسلحة النووية الجديدة منها صاروخ نووي في نهاية 2017 يمكنه أن يصل إلى أي مكان في العالم ولا يمكن للأنظمة المضادة للصواريخ اعتراضه”، لتكون مخاوف الصهاينة في محلها خاصة مع صعوبة تخلي الدب الروسي عن مطامعه في سوريا حيث تتقاطع المصالح، فبينما تسارع الحكومة الإسرائيلية إلى استكمال برنامج متكامل يقتضي ببناء جدران في المناطق الحدودية الإسرائيلية مع سوريا والأردن ولبنان وفي الداخل الفلسطيني نفسه، يزداد القرار الروسي والإيراني سيطرة على الوضع في لبنان وسوريا.
3. تداعيات تصاعد نسق التنافس على الوضع الأمني في المناطق العربية:
لم يكن رد فعل إسرائيل مقتصرا على الوازع الأمني الذي يحركه النظام الصهيوني كذريعة على كل الممارسات المشينة لجيوشه داخل الأرض الفلسطينية وخارجها، فقد سجل التدخل المباشر للقوات الصهيونية، أهم حليف للولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، مؤشرا بارزا على عدم تقبل المزود الرئيسي والتقليدي للأسلحة الثقيلة والخفيفة والمعدات العسكرية في منطقة الشرق الأوسط على مدى عقود على تواجد منافس قوي قد ينجح في افتكاك السوق الخليجي.
هذا وقد عقدت روسيا اتفاقيات مع دول خليجية كالبحرين سنة والسعودية والإمارات لتزويدها ببعض المعدات التي استعملت في المعارك السورية مؤخرا، ويصب ذلك في خانة التوافقات الحديثة التي لم تعهدها المنطقة الخليجية وكان العرض الميداني أهم دافع لذلك التوجه الجديد للسوق الروسية.
وأمام عجز المزودين من أعضاء الإتحاد الأوروبي عن مواكبة سرعة نسق المنافسة المحتدمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، أصبحت الساحة فسيحة لروسيا حتى تستحوذ على الأسواق الأفريقية وهو من أهم الأهداف المطروحة في زيارة لافروف المبرمجة قريبا للقارة الأفريقية والتي تتزامن مع جولة تيليرسون وزير خارجية الولايات المتحدة إلى نفس المنطقة لقطع الطريق على غريمه التقليدي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock