تدوينات تونسية

الإسلام السياسي… من يحاربونه ؟ ولماذا ؟

إسماعيل بوسروال
1. تونس و التحولات الاستراتيجية العميقة
ما إن وضعت الأحزاب قائماتها للإنتخابات البلدية 2018 في تونس حتى انطلقت الحناجر الإعلامية المأجورة بالمال والعطايا والهدايا تصرخ وتولول تنوح من الصباح إلى المساء وطوال الليل… تندب الحظ العاثر الذي منع الأحزاب الحداثية الثورية التقدمية أن تكتسح الدوائر الإنتخابية تحت مفعول (القانون الإنتخابي)… كما صمم بعض القادة المنتدبين في النداء والمرسكلين إيديولوجيا على استعادة مشهد الحملة الإنتخابية 2014 بالتقابل (نداء/نهضة) استخداما للتصويت المفيد “la vote utile” من يريد معارضة (الإسلام السياسي) فعليه بمساندة نداء تونس… ورغم أن النهضة تصف نفسها بأنها (الإسلام الديمقراطي) -وفق قانونها الأساسي 2011 ووفق ممارساتها السياسية- فإن سيناريو المنافسة لدى بعض رموز نداء تونس (القطي – بسيس – حتيرة – …) يصر على استخدام مصطلح “الإسلام السياسي” معتقدين أنها (وصمة) فما هو الإسلام السياسي.
2. الإسلام السياسي
يتم استخدام مصطلح الإسلام السياسي حاليا للإشارة إلى الحركات التي (توظف الدين الإسلامي لأغراض سياسية) وفق المخابرات الغربية (أمريكا – أوروبا – إسرائيل) والدول العربية المحافظة.
لكن أصل المصطلح ظهر أثناء الحقبة الإستعمارية في القرن 19 للتمييز بين (الصوفية) وما تنغمس فيه من عبادات وهو إيجابي ثم تنتقل إلى الدروشة والموالد والإستعراض الفلكلوري باسم الأولياء الصالحين وبين تيارات المفكرين المصلحين الذين ينادون بأن الإسلام ليس (عبادات) فقط بل (معاملات) و (نظام حياة).
ويقصد بنظام حياة أي أنه صالح أن يكون أساسا لبناء مؤسسات تنظم الدولة والمجتمع -كما في أوروبا وأامريكا- لكن اعتمادا على مكونات الهوية المحلية والثقافة لوطنية إلى جانب القيم الكونية.
حارب الإستعمار البريطاني والفرنسي الحركات السياسية الإسلامية وكذلك القومية العربية وصنف الإصلاحية منها (بالإسلام السياسي) لافتا إلى ما تمثله من تهديد على الأنظمة العربية القائمة والتي أساسها العرش والملك وحكم العائلة.
كانت الحركات الإسلامية تنشد الإصلاح السياسي كمدخل لإصلاح المجتمع وكانت مزعجة للإستعمار كما أنها مزعجة لعملاء الإستعمار.
نشير هنا إلى الأدوار الإيجابية التي قام بها المفكرون جمال الدين الإفغاني ومحمد عبده ومالك بن نبي وإلى ما خطه عبد الرحمان الكواكبي في كتابه المرجعي (طبائع الإستبداد).
3. النهضة والتحديث
أمام الموطن التونسي فرصة تاريخية ليفصل بين مرحلتين: مرحلة ما بعد الإحتلال (1956) ومرحلة (التحديث والنهضة 2018)، حيث تتوفر في الساحة السياسية والثقافية كفاءات قادرة على بناء مجتمعي واقتصادي وسياسي متطور وحديت (التحديث) ويحافظ على نهضة في إطار الخصائص التونسية (الأسرة، العائلة، الأهل، الجيران) وقيم الأجداد (الصدق، الوفاء، الإتقان، الإيثار، التعاون…).
4. صراع الإنتخابات البلدية
من الآن عادت بعض الحناجر المبحوحة والمريضة إلى المربع الأول وهو (صراع الهوية) وهو موقف يدل على تصنيفهم بدقة هؤلاء هم (عملاء الإستعمار) علموا بذلك أو لم يعلموا لأنهم يتبنون مقولاته ومصطلحاته… إن المنافسة الإنتخابية تقوم أساسا على البرامج وهي السبيل إلى بناء دولة تونسية حديثة في إطار الهوية الوطنية.

تعليق واحد

  1. لعل الدعاة الاسلاميين الذين يؤسسون لاعادة نظام سياسي ديني، فشلوا في اثبات ما ظلوا يرددونه من صلاح الاسلام الابدي لان يكون دستورا وقوانينها لهذا القرن.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock