تدوينات تونسية

محرقة الغوطة أبكت “ميركل”

صالح التيزاوي
تعيش الغوطة الشّرقيّة أيّاما حزينة بلون الدّم ورائحة الموت بفعل القصف الوحشي لقوّات النّظام مدعوما بالقوّات الرّوسيّة. قصف وصل اللّيل بالنّهار ولم يستثن أحدا. استهدف الصّغار قبل الكبار والنّساء قبل الرّجال والمدنيين قبل الإرهابيين. عندما يسقط أكثر من خمس مائة قتيلا مدنيّا من بينهم مائة طفل فهذه حرب يخوضها سفّاح الشّامّ ضدّ شعبه وليس ضدّ الإرهاب. مأساة لم نجد لها مثيلا في التّاريخ أبكت المستشارة الألمانيّة “ميركل” وكلّ إنسان حرّ في العالم.
ولم تدمع عين بشّار لاستخراج أشلاء الأطفال من تحت الأنقاض ولا رقّ قلبه لمشاهد الخراب والدّمار التي ألحقها بالبلاد ومازال يطلب المزيد. كم يجب أن يقتل من شعبه حتّى يرتوي ويشفي غليله؟ لقد بات واضحا أنّ عداوته لشعبه أكبر بكثير من عداوته للصّهاينة. كلّ الأسلحة التي يمتلكها آل الأسد وأحرقوا بها شعب سوريا لم تنطلق منها رصاصة واحدة صوب الجولان على امتداد أكثر من ستّين عاما. فهل من يفعل ذلك “ممانع” أم متصهين بامتياز؟
ومتى سيدرك العالم أنّ سفّاح الشّامّ كاذب في دعوى محاربة الإرهاب؟ ولا يعادله في فظاعة ما يفعل سوى قطعان القومجيّة الذين مازالوا يعتبرون قتل الأطفال نصرا، ودكّ المدن فتحا والإنقلابات العسكريّة طريقا إلى الوحدة؟ ليس مستغربا أن يشدّوا الرّحال مجدّدا إلى بلاد الموت (كما صنعوا بعد محرقة حلب) ليقبّلوا الأحذية قبل الأيادي وليتمسّحوا بلحية روحاني ومندوبه في البلاد العربيّة حسن نصر اللّه وليؤدّوا واجب الشّكر للدبّ الرّوسي المتوحّش الذي جعل من الأرض السّوريّة ومن شعبها حقلا لتجريب أسلحته. وهم من فرط غبائهم مازالوا يعتقدون في صداقته ويتناسون أنّه صديق للصّهاينة أيضا وأنّ صداقة الرّوس لبشّار لن تتجاوز مساعدته على قتل شعبه تحقيقا لمصالحهم في المنطقة ولن يطمع بأكثر من ذلك كاسترجاع الجولان.
ومتى سيدرك القومجيوّن أنّ “زعيم الممانعة” لا يقاتل من أجل المشروع العربي الوحدوي وإنّما يقاتل لإنقاذ رأسه وطائفته العلويّة.
محرقة حلب ومحرقة الغوطة وكلّ محارق الوطن المنكوب بنكبتي الإستبداد والإحتلال ستبقى شاهدا حيّا على حالة الإنحدار التي بلغتها الأمّة العربيّة الإسلاميّة تحت قيادة أنظمة استبداديّة غاشمة، كرسيّ الحكم عندها أغلى من الأوطان ومن الشّعوب، وستبقى شاهدا على وحشيّة الإنسان عندما تتملّكه نزعات الشّرّ، تغذّيها ثقافة القتل وايديولوجيّات العنف.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock