تدوينات تونسية

يوم في “حمام بنت الجديدي” !

أحمد الرحموني
بطبيعة الحال، ليست أجواء الحمامات العربية (ذات الأصل التركي !) غريبة علي (وعليكم)، إن لم أكن من هواتها ولذلك لم أؤجل رحلة كانت متاحة لي إلى قرية “حمام بنت الجديدي” الكائنة في سفح الجبل بالقرب من منطقة سيدي الجديدي بالحمامات.
بمجرد وصولنا كنا سريعا في “الحمام” الذي صنع شهرة هذه القرية الريفية الجميلة. لا يختلف الحمام العتيق في تصميمه عن بقية الحمامات بل تبدو مسالكه أقل تعقيدا لكني في ذلك اليوم كنت محتاجا إلى دليل وأنا ادخل المكان لأول مرة.
أحد الدلاكين التقليديين (طياب في عرفنا اللغوي ويقال له في المغرب كسال!) تولى إرشادي. كان يجب أن تمر أولا -بعد اجراءات الدخول- على الحوض العمومي (البركة) الذي يميز ذلك الحمام الاستشفائي عن غيره: بيت واسعة يحتل فيها الحوض أغلب الفضاء، وسقف عال، وماء ساخن يجري دون انقطاع من فوق رؤوسنا عبر أنبوب طويل فيحدث خريرا مستحبا، وبخار يملؤ أرجاء البيت والمستحمون إما داخل الحوض أو خارجه، يتعرقون أو يسبحون أو ينظرون إلى السقف وهم ينتظرون المرحلة القادمة !.
لا يختلف الأمر في هذا الحمام، ويمكن لك أن تختار قبل أن تغادر استحماما كاملا وذلك بالإستعانة بأحد الدلاكين (بأجر يفوق مقابل الإستحمام بأكمله).
الطياب يسألك في البداية (وكذلك حصل معي): هل عندك كسور سابقة ؟! وفي صورة الجواب بالنفي يتولى بقوة ما يسميه “تبديل الجلد” !، ويقوم بمختلف أعمال التدليك رفعا وخفضا وثنيا و”كسرا”.. في اختبار فريد لقوة احتمالك وتماسك أعضائك وصلابة عضامك!.
يوم ممتع من أيام “الحمام العربي” عنوان الطهارة وراحة الأنفاس!.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock