تدوينات تونسية

ياسين العياري ؟!

سامي براهم
أقرأ بعض التّعاليق عن خطاب السيّد النّائب ياسين العياري بعد أدائه القسم.
البعض يشيد بعقلانيّته واتّزانه ومواقفه المسؤولة والإيجابيّة على عكس المنتظر منه.
والبعض مازال يخوض حملة التشكيك والشّيطنة ويلوك نفس الاتهامات التي وقع استهلاكها أثناء الحملة الإنتخابيّة لدائرة ألمانيا.
ولكن ما لفت انتباهي تعاليق أخرى أصحابها لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء حيث اعتبرت أنّ المهمّة الجديدة غيّرت قناعات الرّجل بل دجّنته وحوّلته من ثورجيّ إلى ديمقراطيّ مسالم على استعداد ليفدي حزب المنظومة القديمة بروحه إن وقع الانقلاب عليه.
هذه التّعاليق لا يرفض أصحابها مواقف ياسين لأنّهم يتبنّونها وينظّرون لها ويمارسونها بل يذهبون أبعد من ذلك في تجسيدها ولكن لسان حالهم يقول: ما كنت تنتقدنا من أجله ها أنّك تمارسه بعد جلوسك تحت القبّة، لقد دجّنك مقعد البرلمان !!!
أصحاب هذه التّعاليق يعتقدون ربّما أنّ الثوريّة تتناقض مع الدّيمقراطيّة والدّفاع عن مخرجاتها مهما كان الموقف منها مع النّضال من أجل مقاومة آثارها السلبيّة.
لذلك أربكهم أن يقع الجمع بين سجلّ الآنتيسيستام وسجّل الديموكرات.
ربّما أصبح السّلوك الثّوري لديهم مقترنا بالفوضى والاحتجاج والرّفض العدمي، أو ربّما صارت السياسة في تصوّرهم مقترنة بمجاراة السيستام ومناورته والانخراط في منطقه تذاكيا منهم وظنّا أنّ أصحاب النفوذ يمكن أن يسمحوا بهوامش أكثر من القدر الذي لا يهدّد مصالحهم.
ما يمكن استفادته من تجربة ياسين لشباب تونس المتحفّز لتحقيق أهداف ثورته أنّ بين خيار الانحناء للعاصفة وخيار الرّفض العدمي وخيار الصّعود إلى جبل الشّعانبي مساحات واسعة للخيال والإبداع والعمل والنّضال الدّيمقراطي والاشتباك المواطني.
تجربة ياسين العيّاري هي من قبيل تجربة جمنة والكامور، تحرير مساحات من الفعل المواطني مهما كانت محدودة من قبضة المركزة والاحتكار السّلطويّ والتّدجين السياسي وسرديّة الفشل والإحباط والقبول بالأمر الواقع.
هذا ما يفسّر في تقديري تواصل الهجوم على الرّجل لا خوفا من شخصه بل خوفا من براديغم جديد للتغيير الجذري المواطني الدّيمقراطي يعود فيه شباب الثّورة والمؤمنون بها ومن فقدوا الثقة في سياسة السياسيين ومن فقدوا الأمل في التغيير، يعودوا لساحات الفعل لحماية ثورتهم عبر صناديق الاقتراع والعمل المدني والتّدوين وخلق حالة من التّضامن والاعتصام الافتراضي.
ياسين ليس أيقونة بل شابّ تونسيّ أقام الدّليل بإصراره وعناده صحبة رفاقه على أنّ طريق التمكين للشّباب ليس انتظارا وترصّدا لفرصة ضمن محاصصة حزبيّة، أو طهرانيّة ثوريّة وعيشا على أمل الثّورة الثّانية والدّيقاج الشّامل.
لذلك يرى فيه أنصاره هذه الفسحة من الأمل في التّمكين للشّباب القادر على تحمّل أعباء التّأسيس الدّيمقراطي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock