تدوينات تونسية

رسالة من مواطن شريف إلى مواطن غير شريف

عبد اللطيف علوي
قرأت تدوينتك الّتي تدّعي فيها الكشف عن شبكة تجسّس كبرى وتعلن استعدادك للتّنازل عن حقّك في الاستئناف مقابل أن تتولّى الدّولة الكشف عن عناصر هذه الشّبكة.
وبقطع النّظر عن كوني أقرف أصالة من الحديث عن الخِرَقِ البشريّة الّتي لا تصلح إلاّ مداسا لمسح الأحذية، فإنّي أودّ أن أذكّرك وأذكّر كلّ من يصله هذا المنشور بما يلي:
أوّلا: إنّ الجواسيس كلاب، ويستحقّون الإعدام في السّاحات العامّة، ولكنّ غيرهم من الكلاب الّتي نظّرت للاستبداد وشرّعت للتّصفية والإبادة والسّجن وتكميم الأفواه، ثمّ عادوا بعد رحيل الطّغاة لهدم الثّورات، ليسوا أقلّ منها خسّة ونذالة وسُعارا وإجراما.
ثانيا: إنّ من يصمت عن الجريمة ويحتفظ بها كورقة للضّغط والمساومة حين يضيق عليه الخناق وتطاله يد القانون، هو شريك بالصّمت الّذي يصل إلى حدّ التّآمر على أمن الدّولة، وهذا ما يليق به أن يحاسب عليه، لا أن يحاول الخروج علينا في الوقت الضّائع كبطل يرفع سيفا من خشب.
ثالثا: إنّه من الدّجل والاستحمار أن يخرج علينا اللّصّ ليمنّ علينا بأنّه مستعد للتّنازل عن حقّه في الاستئناف، فهو في هذا إمّا غبيّ أحمق أو متغاب مضحك ومثير للإشمئزاز، فلو كان واثقا من براءته مؤمنا بها، ما قايضها بأيّ شيء، وما منعه شيء من أن يدافع عنها ويحارب الجواسيس الّذين لم يتجرّأ على تسميتهم.
رابعا: نحن نعرف أنّ كلّ مؤسّسات الدّولة ملحقة بالإدارة الفرنسية منذ سيّدك المخلوع وقبله المقبور، ونعرف أنّ المقيم العامّ يعيّن ويعزل من يشاء ولو طلب الدّخول إلى غرف النّوم ما اعترض عليه أحد، فعن أيّ زلزال تتحدّث وكأنّك كشفت لنا صفحة من علم الغيب وتريد أن يصفّق لك السّذّج والبلهاء وينسوا من أنت وماذا تمثّل.

خامسا وعاشرا وأخيرا: إنّ لصّا قد يخفي لصّا آخر، أو يكشف لصّا آخر، لكنّه سيظلّ هو أيضا لصّا في كلّ الأحوال.
#عبد_اللطيف_علوي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock