تدوينات تونسية

ديبلوماسية “إفرح بيّ”

أحمد الغيلوفي
تناولت جريدة “لوموند” الشهيرة اليوم موضوع إدراج تونس ضمن الدول الأكثر تبييضا للأموال والممولة للإرهابَ، وأشارت بأنه رغم إرسال تونس للدقلة وزيت الزيتون للنواب الأوروبيون إلا أنهم صوًتوا مع القرار. ورغم الفرح المبالغ فيه بماكرون و”تحيا فرنسا” إلا أن ماكرون لم يفعل شيئا في البرلمان الأوروبي.
يبدو أن رئيسنا وديبلوماسيتنا قد قدموا للعالم حُجّة دامغة بأننا شعب فاسد من “راسه حتى لساسه”: فـ”إفرح بيً” لا يستعملها البوليس أو الموظف أو المواطن العادي بل هي سياسة دولة. بهذه الطريقة يكون رئسنا “في يده شمعة”: يريد أن ينقذ تونس من تهمة الفساد فبعث برشوة للنواب الأوروبيين، الذين، ولا شك، رأوا في ذلك إهانة لهم فصوتوا بالإجماع مع القرار.
الإهانة الأكثر مرارة: هناك صحف فرنسية تقول “ربما تكون الدقلة والزيت قد سُرقت في مطار قرطاج ولم تصل”. عوض أن نفكر بجدية في محاربة الفساد والرشوة وتبييض الأموال فإننا نستعمل الرشوة والفساد مع الأوروبيين للإبقاء على فسادنا. نسي هؤلاء أن وراء النواب قضاء وصحافة استقصائية ومحاسبة حقيقية. وعوض البحث بجدية عن شركاء اقتصاديين آخرين حتى نوسٌِع من هامش المناورة مثل الصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل وتركيا.. نبقى مسجونين داخل التبعية الفرنسية ونُعوًِل على “vive la France” وعلى الإستعطاف و”إفرح بي”. عوض أن نُصدِّر قيم للعالم حتى يحترمنا فإننا نُصدِّر ديبلوماسية الرشوة. من تربوا على الرشوة وجاءوا للحكم بواسطة الفساد والتزوير ويحكمون بواسطة “الجعالة” لا يستطيعون التفكير خارجها. نداء تونس أصبح عبئا ثقيلا على تونس: أفسدوا كل شي: السياسة والقضاء والإعلام والصحة والتعليم.. وهاهم ذاهبون لأوروبا “باش يطيحوها” لإفرح بي نفرح بيك. الغريب أنهم فاشلون حتى في الرشوة، ولو بعثوا “الترفاس” ربما كان أفضل.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock