تدوينات تونسية

الرّصاصة مازالت في جسد الثّورة !

عبد اللطيف علوي
يوم 6 فيفري 2013
الزّميلة الّتي نقلت إليّ الخبر كانت يساريّة حمراء كما يقال، وكانت تحلم بأن “تقلي جماعة النّهضة في الزّيت”، لكنّني لن أنسى أبدا منظرها وهي تخبرني بتلك الفاجعة.
كانت لخفّتها وهي تصعد الدّرج تكاد تطير، كمن جاء يحمل البشرى، في وجهها فرح خفيّ لم تنجح في إخفائه، دخلت عليّ القسم كعادتها مشاكسة وقالت وهي تحرّك حاجبيها:
 هاو بدا الضّرب الصّحيح، سمعت بالخبر؟
قلت وقد شعرت بمثل الوخزة في قلبي:
لا، آش فمّه؟
قالت بصوت ممتلئ رنّان:
شكري بلعيد طرشقوا عليه.
وختمتها بما يشبه ابتسامة الاستبشار، أو لعلّها في الحدّ الآدنى حركة فيها الكثير من الارتياح!

صعقني الخبر، وضعت الطّباشير من يدي وأكببت على الطّاولة، شعرت بما يشبه سطل الماء البارد يندلق على رأسي في ذلك اليوم الشّتائيّ الحزين، وظللت لحظات واجما أحاول أن أستوعب ما حدث. كان زلزالا بكلّ معاني الكلمة.
تراكضت أمامي صور شتّى لالاف السّيناريوهات المظلمة، بدا لي على الفور أنّ تلك الرّصاصة أطلقت على رأس الثّورة، بعدما جرّبوا كلّ وصفات الانقلاب ولم ينجحوا، ورأيت بلدي يضع خطاه الأولى على طريق الدّم والخراب، في حين انصرفت زميلتي إلى الأقسام الأخرى متوثّبة رشيقة كي تكون أوّل من يحمل إليهم البشرى…
ما حدث بعد ذلك جاء، للأسف الشّديد، مصدّقا لذلك المشهد الّذي علق بذهني ومعمّقا لنفس الصّورة القبيحة، صورة يسار حاقد استبشر بقتل رفيقه، وصرف كلّ وقته ودموعه وهتافاته من أجل التّمعّش من دمه إلى آخر نقطة…
رحم الله شكري بلعيد، نعم أدعو له بالرّحمة، ومن أراد أن يضيّق باب رحمته فليجتنبنّ التّعليق على ما كتبت. رحل شكري بلعيد، وفي دمه شفرة المؤامرة الكبرى، ولن تكتب الثّورة تاريخها الصّحيح، إلاّ يوم يجيبنا الرّفاق: من قتل شكري؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#عبد_اللطيف_علوي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock