تدوينات تونسية

هل هو اغتيال رمزيّ ؟

سامي براهم
طارق رمضان ليس معصوما من الخطإ والخطيئة لكنّ عقلي المحدود وخيالي غير الخصب لا يسمحان لي بتصديق رواية الضحيّة الافتراضيّة التي قبلت بمكافحة مغتصبها المفترض وهي فرنسيّة اعتنقت الإسلام وتعاني من إعاقة حيث روت أنّ الاعتداء الذي تعرّضت له كان سريعا فبمجرّد ولوجها إلى غرفته في النّزل للسّؤال عن أمور دينيّة، تولّى صفعها بقوّة على وجهها وذراعيّها وصدرها وسدّد لها لكمات على بطنها، ثمّ أكرهها بالقوّة على ممارسة “la fellation et la sodomie”، ثمّ عنّفها من جديد، وجرّها من شعرها على امتداد الغرفة وحملها إلى مغطس غرفة الاستحمام وتبوّل عليها ولم تستطع النّفاذ من قبضته إلا في الصّباح.
غير بعيد عن ذلك الرّواية المضطربة للضحيّة الثّانية من أصل تونسي صاحبة زبير التي رفضت مكافحته، بعد قراءة كتابها تتبيّن أنّ قلبها ظلّ معلّقا بمن يفترض أنّه اغتصبها، وبقيت على أمل أن تستأنف معه العلاقة بل بقيت تتعقّبه وتمنّي النفس بليلة أخرى تعده فيها أن تكون أفضل لكن خاب أملها في إعادة اغتصابها من جديد، ربّما هذه الرّواية هي ما جعلها تحجم عن مكافحته.
لا أدري ما الذي جعلني أهتمّ بهذه التفاصيل وأقتني الكتاب وأتابع رواية الشّاكية الأخرى ورصد ما ينشره الإعلام الفرنسي من ملفّات قضيّة انتهكت سريّتها وأصبحت تفاصيلها منشورة للعلن تثير الجدل وتوجّه القضاء والرّأي العامّ وتكشف حجم العداء لهذا الرّجل الذي لطالما كان مثار انتقاد الإعلام الفرنسي ونخب الأصوليّة اللائكيّة والولاء الصّهيوني.
السّرد الحكائي لعمليات الاغتصاب كانت مركّبة ومحشّدة بطريقة تهدف إلى التّدمير والاغتيال الرّمزي، حيث لا يمكن أن تنطبق تفاصيلها إلا على شخصيّة سايكوباتيك في حالة متقدّمة تشكّل خطرا على من يقترب منها وهذا ما يمكن التنبّه له من أوّل تشخيص نفسي كلينيكي.
أتساءل ما الذي يجعل هذا المفكّر المعشوق الملاحق من المعجبات حسب ما يُشاع أن يقدم على علاقات بهذا الشّكل المقرف إن صحّت روايتا الضّحيتين المفترضتين والحال أنّ بإمكانه القيام بعلاقات أكثر رومنسيّة وشبقيّة وبرضى الطّرف الآخر، نصف الشخصيات العامّة في أروبا لهم عشيقات “maîtresses”، صحيح سيعتبر ذلك خيانة زوجيّة أو زواج متعة أو زواجا عرفيّا أو تعدّد خليلات “concubines” ولكن سيكون أخفّ وطأة من الاغتصاب الوحشي.
لا أستوعب كيف أنّ شخصا بذلك التّوازن المعرفي والمنهجي والقدرة الفائقة على الحجاج والجدل يمكن أن يفقد التحكّم في غرائزه بذلك الشّكل الوحشي الهستيري الذي قد يتعفّف عنه حتّى المنحرفون والمجرمون.
ممّا يرجّح القناعة أنّ الرّجل مستهدف منذ زمن لما أصبح يشكّله من إحراج فكريّ وإشعاع لدى مسلمي أروبا، هي عمليّة انتقام مدبّر بطريقة ضعيفة الحبك نرجو أن لا يتورّط القضاء الفرنسي في حبائلها أو يكون طرفا فيها.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock