تدوينات تونسية

ألفة يوسف متسامحة برشة وموضوعيّة بزايد

صالح التيزاوي
حضرت الجامعيّة “ألفة يوسف” في برنامج “قهيوة عربي” مع الإعلاميّة “إنصاف”، متسلّحة بـ”أدوات العمل” المعهودة وهي عبارة عن تشكيلة من المصطلحات الرنّانة والبرّاقة تعمّدت تكرارها بمناسبة وبغير مناسبة مثل: محبّة اللًه” و”محبّة الآخر” و”التّسامح” وأنا “مسلمة” وسؤالها الذي لا يكاد ينقطع طوال الحصّة: “أنا أقبل بك فلماذا لاتقبل بي”؟. تشكيلة من المصطلحات النّاعمة غلّفت بها أفكارها وأرادت أن تنتصر بها لدعوى “المساواة التّامّة” بين الجنسين في الميراث.
فهل من التّسامح، أن تصف السّيّدة ألفة من يخالفها الرّأي بأنّهم أشخاص يريدون الظّهور بمظهر “المسلم بزايد”. وللسّيدة ألفة صورة في منتهى القبح عن هذا “المسلم بزايد”: إنّه شخص على حدّ زعمها (يسب بزايد ويضرب ويطيّش الزّبلة في الشّارع وياقف… (deuxième position).
فهل من محبّة اللّه ومن محبّة الإنسان أن تتحدّث الباحثة والجامعيّة عمّن يخالفها الرّاي بعبارات ساخرة ونابية وجارحة للكرامة؟ مع أنّها قالت في مقدّمة حديثها “لا أحد يحتكر الحقيقة”، وهو كلام جميل ولكنّ النّخب التي أخذت من الحداثة قشرتها لا تتمسّك به. وهي تستدعيه متى تربد وتقصيه متى تريد. أن تجتهد السّيدة ألفة في الميراث فهذا حقّ لا ينكره عليها أحد ولكن أن تغالط وأن تجانب الموضوعيّة وأن تتعمّد تشويه مخالفيها وتستهزىء بهم من أجل أن تظهر بمظهر “التّقدّميّة” وبمظهر من يحتكر لنفسه حقّ “الإرتقاء بالمجتمع وتطويره” فهذا لا يليق بها كجامعيّة وكباحثة يفترض فيها أنّها تنتهج الدّقّة والموضوعيّة في كلامها وفي بحوثها. وهذا سلوك لا يدلّل على قبولها بالآخر بل يخفي رفضا له كغيرها من أدعياء الحداثة المزيّفة،
حاولت السًيدة ألفة أن تتخفّى وراء تشكيلة المصطلحات الرنّانة، زادت عليها نعومة زائفة لهدم نظام المواريث ذلك النّظام الذي أبدعه الخالق، واستقرّت الأمّة الإسلاميّة على تطبيقه منذ انبعاثها ولم يحل بينها وبين التّقدّم في فترات ازدهارها عندما سادت العالم. فأيّ جدوى اليوم من من هدمه؟ وهل ذلك من استحقاقات الثّورة المجيدة؟
وتمعن السّيّدة ألفة في المغالطة عندما تقول: “من يرفض الإجتهاد في المساواة، فما عليه إلّا أن يترك وصيّة بما يراه صوابا”… كرم وسخاء منها…
المغالطة الأولى: عندما جعلت مخالفيها رافضين للإجتهاد.
المغالطة الثانية: جعلت رأيها أغلبيّا يجب أن يتحوّل إلى قانون “انسجاما مع الدّستور”. أمّا رأي خصومها فهو أقليّ، لذلك تكرّمت عليهم وكانت سخيّة معهم بأن سمحت لهم بترك وصيّة بما يرونه صوابا في مسألة الميراث. فمن أعطاها هذا الحقّ؟ ولماذا لا نطبق هذا المنطق مع من يريدون التّسوية بين أبنائهم في الميراث؟ أليس من الظّلم أن نجعل من الإستثناء قاعدة؟ وهل هذا من لوازم المنهج العلمي والإجتهاد؟
المغالطة الثّالثة: فسّرت المساواة التي تضمّنها الدّستور بما يخدم دعاواها وفرضيّاتها، فسّرتها على هواها وعلى ما تحبّ وتشتهي كمسلمة تفهم الإسلام أكثر من الأمّة.
السّيدة ألفة وهي “المجتهدة” والمتدثّرة برداء “العلميّة” و”الموضوعيّة” و”المنهج العلمي” تخلط بين نظام المواريث الذي هو تشريع إسلامي وبين الرّقّ الذي هو وضع مشين وجده الإسلام قائما فتعامل معه بما يلغيه تدريجيّا. حيث تساءلت “لماذا لا يخرج المسلمون في مظاهرات يطالبون بعودة الرقّ؟ هل من المعقول أن يكون نظام المواريث البديع والرقّ الذي هو جريمة بحقّ الإنسان في مرتبة واحدة؟ ولكن يبدو أنّ السّيّدة ألفة متأثّرة بغلاة المستشرقين الحاقدين على الإسلام، قد استقرّت في ذهنها صورة سلبيّة للمسلم، تصرّ على التّرويج لها (يسب بزايد، يضرب، يطيش الزّبلة في الشّارع… وزيد يرفض الإجتهاد)…
لا زايد.. ولا ناقص.. قمّة الغرور والتّعالي أن تتحدّى أقلّيّة أمّة بأسرها في أقدس أفكارها، وفي تاربخها وفي تشريعاتها، وتتصرّف وكأنّها تحتكر الحقيقة والإجتهاد والوصفة السّحريّة للتّقدّم.
لا زايد.. ولا ناقص.. هناك دوافع غير معلنة لإثارة مواضيع لا علاقة لها باستحقاقات الثّورة، ولا علاقة لها بالمساواة بين الجنسين، لا شكّ أنّها تصبّ في مصلحة الثّورة المضادّة وفي ضرب ثوابت المجتمع.
لا زايد.. ولا ناقص.. عيب على من كان يجلس أمام ليلى الحجّامة وهي تخطب فيهم في يوم العلم وهم يلهبون أكفّهم بالتّصفيق لجاهلة… عيب عليهم ان يتصدّروا اليوم المنابر الإعلاميّة لإعطاىنا دروسا في الحداثة وفي التّقدّم وفي الإجتهاد وفي التّسامح.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock