تدوينات تونسية

على هامش زيارة ماكرون: المسؤول الكبير يتفقّد رعيته

عبد الرؤوف العيادي

زيارة ماكرون رئيس جمهورية فرنسا لبلدنا، وإن يساورنا الشك في حصيلتها، ترتقي -على كل حال- إلى مرتبة الحدث الكبير مثل سابقاتها من الزيارات لممثلي الميتروبول، ولا أدل على ذلك من استنفار أحزاب فرنسا لهذا الحدث، وافتعال الفرقعة الإعلامية بالمناسبة، اذ هي بمثابة زيارة المتفقّد لأتباعه ممّن عادوا لحكم تونس بعد ثورة أسقطت منظومة 3 جوان 1955 العميلة.

ملفّان أساسيان سيكونان محلّ اهتمام المسؤول الكبير: الأوّل يتعلق بالاستثمار والثّاني يتصل بالاستقرار. إذ، وكما هو معلوم، فإنّ الملفّين مرتبطان ببعضهما البعض، فقد ساءت الأحوال الإقتصادية بتونس، وهو ما دفع بالشباب إلى الإحتجاج خلال الأسابيع الأخيرة، بما ذكر بأحداث ثورة 17 ديسمبر 2010، وهو ما جعل الإئتلاف الحاكم يخشى على استقرار البلاد الذي لا يجدي معه شحذ الآلة القمعيّة التي أصبحت تحت رقابة نشطاء التواصل الإجتماعي، إضافة إلى انتماء أكثر العاملين بها إلى الجهات المهمّشة المطالبة بحقوقها في العيش.
ماذا عساه أن يقدم “ماكرون” في مجال الإستثمار الخارجي إذا ما علمنا أنّ الوضع الإقتصادي بفرنسا يشكو هو أيضا من ركود. هذا إضافة إلى كون الإستثمار هو رهين مبادرة الخواص الذين لا سلطان للرئيس عليهم.
أمّا على المستوى الأمني فإن حاجة “الميتروبول” تتجاوز حاجة البلد المزار، إذ أن الموجات المتعاظمة والمتواترة من الهجرة السرّيّة قد سببت الكثير من القلق لدى دول الإتّحاد الأوروبّي، ولا حلّ لها سوى مزيد القمع.
سيكتفي الرئيس الزّائر بتدشين “مركز تونس للتحالف الفرنسي” استمرارا منها في سياسة ما أسماه وزير “شارل دي غول” للتربية “الامبراطورية الثقافية لتعويض الامبراطورية الاستعمارية المفقودة” عبر دعم مكانة اللغة الفرنسية والثقافة الفرنسية.
وقد ينال الملف الاقليمي نصيبه من المباحثات، والمتصل بالأوضاع بليبيا، فقد جعلت فرنسا من شعار مكافحة الإرهاب غطاء للتدخل فيها عبر دعم “الجينرال المتقاعد” (إلا عن تنفيذ الأجندات الدولية)، وعيونها لا تفتأ تراقب مصادر النفط بجارتنا، وكذلك مطالبتها بنيل نصيبها من كعكة إعادة الإعمار. وفي هذا المجال لا يسع الحكومة العميلة، التي أقامت ساترا ترابيا بينها وبين الشقيقة ليبيا، إضافة إلى تأمين الحضور العسكري الأجنبي بالجنوب، إلا التعبير عن “تطابق وجهات النظر” بشان تقدير الوضع بليبيا.
ما يجب مطالبة “ماكورن” به هو نقل السفارة الفرنسية، مقر الاقامة العامة سابقا، وهي محاطة بالسلاح الثقيل والأسلاك الشائكة، وإعادة أرشيف الدولة التونسية، الذي حمل إلى فرنسا بموجب اتفاقية 3 جوان 1955، تجاهلا لحق الأجيال التونسية في الإطلاع على ما يشكل ذاكرة جماعية، والبحث جديا في استرجاع أموال الشعب التونسي المنهوبة والمهرّبة إلى الخارج بعد أن بقيت وعود سلفه “هولاند” التي قطعها على نفسه أمام نوّاب المجلس التأسيسي كاذبة.

13 جمادى الأولى 1439
الموافق لـ 30 جانفي 2018

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock