تدوينات تونسية

علاش أسراب الوطد عديمو تربية ومتوترين ؟؟؟

الأمين البوعزيزي
تقابلت مع صديق من بلدة سيدي علي بنعون؛ تصافحنا ولامني على عدم إسناد المعتصمين بمندوبية التربية.
قلت له: أحس بتمزق حقيقي تجاه هذه المأساة. 25 شاب يهددون بالانتحار الجماعي احتجاجا على تفصي الدولة من عقود أبرمتها معهم. وهذا يتوجب خوض معركة شاملة إسنادا لهم. لكن في المقابل هذه المجموعة هي جزء من قائمة عرفت بقائمة الـ 64. وقد شابتها تجاوزات مخجلة أثناء ضبطها. إذ تم تضمينها أسماء لم تشارك في الإعتصام الذي بموجبه تشكلت هذه القائمة وتم تضمين أسماء من عائلة واحدة بشكل لم يجرؤ التجمع في عز غطرسته على اقتراف هكذا مهزلة. والأنكى هو استبعاد أسماء شاركت في الاعتصام بتهمة أنهم من حزب الحراك. واستبقاء المحسوبين فقط على الجبهة. حتى أن أشهر نشطاء هذه المجموعة سبق أن تعرض للاستبعاد قائلين له: برة للمرزوقي يخدّمك!!!
لكل هذه الأسباب يتوجب تنقية هذه القائمة من المحسوبية وسنحرض كل أصدقائنا على اجبار السلطة على تنفيذ ما قطعته على نفسها تجاههم… كذا موقفي أضعه بين أيدي كل أصدقائي حقوقيين ونواب ومناضلين إجتماعيين.
بمجرد أن أكملت كلامي انقض علي مرافقه محتجا “توة جماعة العفو التشريعي العام يخدمو واحنا لا؟؟
أجبت: العفو التشريعي العام كان محورا نضاليا يساريا. ولا يعنيني من استفاد منه المهم أنهم ضحايا ظلم الاستبداد.
فعلق معروف موقفك الرابط مع الخوانجية!!!
فقطعت الحوار: ما نيش رابط مع الخوانجية نا خوانجي أصل وشدني من آك البلاصة الخايبة!!!
علاش أسراب الوطد عديمو تربية ومتوترين؟؟؟
الكوارث هاذم ظهروا في ضمن موجة ماركسية ظهرت بعيد هزيمة الـ 67 . عندما تمردت مجموعة ما يعرف بـ “آفاق” بالجامعة التونسية عن جملة التزامات عروبية: أصبحوا يعتمدون الفرنسية والدارجة التونسية والكفر بالعروبة وثوابت الصراع العربي الصهيوني واستبدال كل ذلك بثرثرة الشعوب العربية والطبقة العاملة الفلسطينية واليهودية المناضلة ضد الرجعية العربية وثرثرة أخرى تضمنها ما يعرف بالكراس الأصفر… ضمن هذا المخاض ظهر من يدعون إلى ثورة وطنية ديموقراطية. وهي تلفيقة ماركسية قومية بخلفية لائكية متأوربة متوترة تصم القوميبن العرب بالشوفين والإسلاميين بالفاشية الدينية…
لكن سرعان ما تشظت هذه المجموعة إلى طوائف متناحرة تتوالد من بعضها… التحقت مجموعات منهم بالتجمع اللادستوري اللاديمقراطي (من صاغ بيان انقلاب سبعة نوفمبر وطد) وأصبحوا منظرين أيديولوجيين فيه. وتمترسوا بالمنظمات ولم تسلم منهم حتى وزارة الداخلية…
السؤال الذي يؤرقني: علاش هوما هكة؟؟؟
في اعتقادي؛ السبب الرئيس تخلف نظري سياسي. إذ اكتفوا بالكراسات الستالينية الماوية التي أصبحت مفوّتة Périmé. أصبحت “فقها” مفارقا لتطورات الواقع وخصوصياته.
واقع يفترض اجتراح ابستيميات ونظريات متحررة من التمركز والتحيز. واقع محتاح إلى نقد جذري لليسار الأبيض عوضا عن الكسل الفكري المستسلم لسردياته:
(… تصفية كولونيالية الاقتصاد السياسي يعني تغيير جغرافية العقل، والنظر إلى نفس النظام – العالم من زاوية جيوسياسية وإبستيمولوجية أخرى.
ففي براديغمات الاقتصاد السياسي يتم تعميم تراتبيتين تتمفصلان حول تراكمية رأس المال على المستوى العالمي (تقسيم العمل – نظام علاقات الدول بين بعضها).
كما يتم تعميم مسلّمة أننا إذا قمنا بإيجاد الحلول لهاتين المشكلتين فإننا سنتجاوز التقسيم المذكور.
المشكل أن هذا هو نفس التحليل الذي استخدمته اشتراكية القرن العشرين وكان مصيره الفشل؛ لأن العطب ليس في النظام الاقتصادي فقط، بل بالحضارة الكاملة التي تتضمن بأحد أبعادها هذا النظام الاقتصادي العالمي.
مشكلة اشتراكية القرن العشرين أنها اعتقدت أن حلّ مشكلة الاقتصاد سيحلّ جميع المشاكل الباقية، لكنك عندما تناضل ضد رأس المال وبنفس الوقت تعيد إنتاج العنصرية أو العرقية أو المركزية الأوربية أو المركزية المسيحية أو الديكارتية. فنضالك يفقد معناه، وهذا تماماً ما حصل مع هذه الاشتراكية التي لم تكتفِ بتأسيس “رأسمالية دولة” بل سعت لإنشاء إمبراطورية سوفييتية مارست الإمبريالية مع أطرافها، بينما عزّزت رأسمالية الدولة في الداخل مما أدى إلى انتفاض العمّال أنفسهم ضدها.
إذن لو أردنا حقاً أن نخطو خطوة ثورية في مواجهة هذا النظام – العالم الذي يبني “حضارة” وليس فقط “نظاماً اقتصادياً”.
في عملية تنظيم الجهود ضد النظام العالمي والقمع، علينا أن لا نستنسخ أو نعيد إنتاج محاور التسلط القائمة في هذه الحضارة نفسها، فإذا كنا نناضل ضد رأس المال، فعلى نضالنا أن يكون غير عنصري وغير تابع لمركزية أوربية، وغير كولونيالي وغير جنسوي.
تصفية كولونيالية الاقتصاد السياسي من أجل رسم خريطة متحولة تحدد لنا التمفصلات السياسية، التي ستساعدنا في نضالنا ضد هذا النظام “المتحضّر” الذي “يحضّرنا”.
أرفض استمرار الحديث عن “رأسمالية عالمية” أو “شكل الإنتاج الرأسمالي” أو “النظام – العالم الرأسمالي”، لأننا وبهذا المنطق نختزل المشكلة إلى بعدها الاقتصادي فقط. أفضّل أن أستخدم عبارة طويلة، تلقي الضوء على كل تلك الأبعاد التي تحجبها التسميات المعَمَمَة، أقول: النظام – العالم الرأسمالي/الأبوي/الذكوري/الأوربي/المسيحي/الحداثي/الاستعماري.
إن خريطة السلطة في العالم مخترقة بما أطلق عليه فرانز فانون التقسيم بين المحظوظين والمُدانين (على أساس عرقي). هذا يشطر العالم إلى حيِّزين: الأول هو «حيّز الوجود» والثاني هو “حيّز اللاوجود”.
تقطن الأغلبية العظمى حيّز اللاوجود في هذا النظام-العالم-الحضارة، وهم عبارة عن أفراد غير معترف بإنسانيتهم الكاملة. بالمقابل هناك أقلية تقطن حيّز الوجود وتتشكل من أفراد كاملي الإنسانية…).
هذا بعض مما يطرحه عالم الإجتماع الديكولونيالي Ramon Grosfoguel ورفاقه في مدرسة modernity / coloniality الذين يطرحون تحررا معرفيا (عصيان ابستيمولوجي) لتحرير مخاييل وعقول الشعوب المضطهدة سلاحا لتصفية الكولونيالية في مختلف تمظهراتها.
طبعا لن يتفاعل معك المشبوهون بل سيكتفون بالتشويه الرخيص الذي يعبر عن انحطاط تعجز اللغة العربية عن توصيفه!!!
✍الأمين.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock