تدوينات تونسية

من قال إنّ العنصريّة قد زالت ؟

صالح التيزاوي
قالت باحثة أمريكيّة في علم الإجتماع السّياسي بأنّ الرّئيس الأمريكي يكذب بمعدّل ستّ كذبات في اليوم.
من المعلوم عندنا نحن المسلمون أنّ الكذب علامة على النّفاق: “إذا حدّث كذب”. في إحدى تغريداته يقول الرّئيس الأمريكي معلّقا على الإحتجاجات الشّعبيّة في إيران: “إنّ الشّعب الإيراني يعبّر عن شوقه للحرّيّة”.
هكذا هي احتجاجات الإيرانيين على حكومتهم شوق للحرّيّة… أمّا احتجاجات الفلسطينيين على تهويد القدس وعلى حركة الإستيطان التي لا تهدأ وعلى التّهجير القسري وعلى مصادرة ما بقي من الأراضي الفلسطينيّة وعلى طمس المعالم الدّينيّة والحضاريّة للمجتمع الفلسطينيّة هي “إرهاب”. يقول “ترامب” بأنّه يدعم الشّعب الإيراني في احتجاجاته ومتى وقفت أمريكا إلى جانب الشّعوب التّوّاقة إلى الحرّيّة؟ لطالما وقفت الولايات المتّحدة إلى أجانب أنظمة باطشة لا تقيم وزنا للحقوق والحرّيّات في أنحاء شتّى من العالم. ووقفت إلى جانب أنظمة عسكريّة بلباس مدني ودبّرت انقلابات على أنظمة شرعيّة.
لم تكن الولايات المتّحدة في علاقاتها بغيرها معنيّة بموضوع الدّيمقراطيّة إلّا بما يخدم مصالحها فهي (الدّيمقراطيّة والحقوق والحرّيّات) أوراق تستخدم للإبتزاز، كما هو الحال مع جلّ الأنظمة الخليجيّة التي تعتبرها سوقا لبيع الأسلحة، وفي مقابل ذلك تغضّ الطّرف عمّا تفعله تلك الأنظمة المستبدّة بالإنسان وبحقوقه. وتكتفي في حوليّاتها وفي نشريّاتها بحديث باهت عن انشغال بوضع الحرّيّات، لا يرتقي إلى مستوى الجرائم المرتكبة في “بؤر الإستبداد”. كما وصف الرّئيس الأمريكي تعامل النّظام الإيراني مع موجة الإحتجاجات الأخيرة بالوحشي، دعي مجلس الأمن ومجلس الحقوق والحرّيات للإنعقاد بسببه. وعندما احتجّ العالم بأسره على اعترافه المشؤوم بالقدس عاصمة للكيان الغاصب فإنّه لم يتردّد في استعمال حقّ النّقض في وجه العالم بأسره. وإذا كان تعامل الحكومة الإيرانيّة مع الحركة الإحتجاجيّة وحشيّا، فماذا يُسمّى ما فعلته بلاده بالعراق؟ كذب ونفاق، أضاف إليهما عنصريّة بغيضة، حيث وصف دولا من آسيا ومن إفريقيا بأنًها “بؤر قذرة” ووصف شعوبها بأنّهم “حثالة” غير مرحّب بالمهاجرين منهم إلى بلاده أمريكا، العضو الدّائم في مجلس الأمن والتي تملك حقّ النّقض وتقدّم نفسها للعالم بأنّها جنّة الحرّيات وتفاخر بنظامها الدّيمقراطي، تمارس العنصريّة بحقّ الشّعوب الفقيرة، وهي بما فعلت وجّهت ضربة عنيفة إلى أسس الدّيمقراطيّة. وأعادت إلى الأذهان عنصريّة “الرّجل الأبيض” الذي اعتقد لقرون أنّه خلق من “دم نبيل”.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock