تدوينات تونسية

الوجه الآخر: مجتمعنا حيٌّ

زهير إسماعيل
ما نعيشه اليوم ليس استثناءً. هي موجات احتجاج اجتماعي دوريّة تشير إلى أسباب عميقة، ولا عبرة بتغيّر الفاعل وتعدّده وتنوّٰعه.. مجتمعنا مفعم بالحيويّة، بعد موات دام خمسة عقود.
ويمثّل الانقسام الاجتماعي أعمق الأسباب. وهو بقدر ما كان سببا في اندلاع الثورة وانتفاضها المواطني الاجتماعي فإنّ رأبَه يبقى هدفها الأساسي.
ورغم عمق الأزمة المالية والاقتصادية، ورغم تعثّر الإصلاحات المطلوبة، فإنّ هناك تقدّما على مستوى المسار السياسيّ وبناء المنظومة الديمقراطية، فقضايا المجتمع كلها تُطرح بقوّة في المؤسسات والشارع وفي وضح النهار، رغم “الغرف المظلمة” (لكلّ غرفه) التي تؤكّٰد أنّٰ الوضع لا يخضع لمتغيرات داخليّٰة فحسب، ورغم المغامرين والظلاميين (هم من اختاروا التظاهر ليلا: تعريف تونسي للظلامية هههه).
كلّ هذا على قدر كبير من الأهميّة لأنّ الاقتصادي الاجتماعي مشروط بالسياسي (ترسّخ مؤسسات المنظومة الديمقراطيّة وتوسّع قاعدة الوئام والشراكة السياسية)، مع ضرورة الوعي بخطورة الوضع الاقتصادي وإمكانيات انهياره وانهيار التجربة معه..
ومع كل موجة احتجاج، ومن خلال تفاعلات المشهد السياسي، يتأكّد “تكافؤ قوى الفاعلين”. تكافؤ يصل أحيانا إلى نوع من “توازن ضعف”يمنع هيمنة هذا الطرف أو ذاك. إلى جانب آثار طبيعة النظام السياسي شبه البرلماني وما اتسم به من توزيع/تذرير للسلطة أربك فكرة “الخلافة” وتقاليد الصراع على “مركز السلطة” للاستفراد بالنفوذ.
نعيش الحريّة ونتقدّم ببطء نحو “وعي الحريّة”، فالوعي بها شرط لتأسيسها… فمجتمعنا حي وقادر على أن يدافع عن تجربته.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock