تدوينات تونسية

“قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ”

محمد بن نصر
بعيدا عن صبيانيات الحاقدين المؤدلجين وكذلك عن أوهام الحالمين الذين يتصورون أن زيارة الرئيس التركي إلى تونس ستكون نقطة تحول نوعية في أوضاعنا الوطنية فإنّه من المهم التفكير بعمق في التجربة التركية.
كيف استطاعت تركيا أن تخرج من دائرة الدول المتخلفة، على الأقل بالمعنى الاقتصادي والعمراني؟ كيف استطاعت أن توفق بين الإسلام والتنمية؟ كيف يمكن تفعيل قيمة حب العمل وحب الوطن التي يتربى عليهما التركي بالمعنى الوطني وليس بالمعنى العرقي. كيف يمكن تجنب الانتكاسة التي عرفتها الديمقراطية التركية لأن المشكلة مزدوجة ولكن يتحمل المسؤولية الكبرى فيها من فكر وخطط للإنقلابين الفاشلين العسكري والمالي ولكن أيضا ردة فعل القوة السياسية التي أنقذ الشعب سلطتها من الانهيار وأعادها إلى الحكم مرفوعة الرأس لعبت دورا في ذلك. مشكلة العدالة والتنمية الشاملة من الضروري التوقف عند أوجه النجاح والقصور فيها.
من ناحية أخرى، الأحزاب السياسية التونسية بيسارها وبيمينها الليبرالي والاجتماعي يجب أن تقدم على تحولات نوعية في بنيتها وآليات عملها، لن تحقق التنمية في مفهومها الشامل بأحزاب مازالت تتحكم فيها ثقافة الاستبداد والفساد. تلك هي المعاني العميقة للدرس التركي.
تركيا يهمّها أولا وأخيرا مصلحتها وهذا أمر طبيعي ولن تضيّع أموالها ولن تدخل في مشاريع خاسرة وهذا يعني أن الأمر بأيدينا أولا وأخيرا. بدون تغيير في العمق لممارسة السياسة عندنا ستبقى أوضاعنا على حالها بل ستسوء أكثر ولا فرق بالمحصّلة النهائية يبن صدق المرحب وحقد الرافض لزيارة أردوغان.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock