تدوينات تونسية

تركيا دولة إمبريالية !!!

نضال السالمي
قرأتُ بيان حزب العمّال حول زيارة أردوغان فآنفجرتُ ضاحكا بعفويّة تامّة كما لو أنّي قرأتُ نُكتةً عن جحا أو أبا دلامة..
السؤال الّذي يُحيّرني حقّا في علاقة باليسار الرسمي هو ما يلي: هل هم حمقى إلى ذاك الحدّ فعلا لأنّهم يبدون متعلّمين وذوي عقول.. أم هم يشتغلون رسميّا لدى جهات ما كما يتّهمهم الكثير من خصومهم ؟؟
يبدو لي من المستحيل أن يكونوا أسوياء تماما ومنزّهين عن كلتا الفرضيّتين..
كاد حزب العمّال ومن قبله عصابة الوطد أن يقولوا في آخر بياناتهم: وبناءً على ما سبق نعلنُ رسميّا الحرب على تركيا ونأمر جيوشنا بالتمركز في ساحات الوغى.
ما هذا الهراء والشعوذة اليساريّة المُقرفة ؟؟ أليسَ فيهم من رجلٍ رشيد ؟؟ أو ربّما “خاطر الكلام بلّوشي نقولو إلّي نحبّوا”..
أمّا بعد ..
يقول البعض أن تركيا دولة إمبريالية واستعماريّة وتوسّعيّة.. وكم أرى في نخبتنا من تهافت وانفلات ورُعُونة.. أولا مفهوم الإمبريالية هذا فيه جدلٌ كبير.. يعني إذا خُضنا حوارا علميّا فمن المُستبعدِ جدا تصنيف تركيا دولة إمبريالية.. لكن قد نصلُ إلى تصنيفها دولة ذات ميول أو توجّه توسّعي.. لكن مهلا، مهلا :
أقول ما يلي بوضوح تام: هل تعتقدون أنّكم إكتشفتُم أمرا عجيبا حين تقولون ذلك عن تركيا.. فتونس هذه النّقطة الصغيرة في جغرافيا العالم لو تحقق نسبة نموّ بـ 10 نقاط سنويّا ولمدّة سنوات عديدة مع حصولها على قدرة على التصنيع والإمساك بالتكنولوجيا لفكّرت آليّا باستعمار ليبيا مثلا أو الدخول في معركة ما مع فرنسا أو صقليّة.. إلخ
تاريخ العالم يقول أنّ كلّ دولة تحقق سيادة تامّة على أراضيها وتُنجز تقدّما واسعا وفائضا في السّلع والإنتاج وقدرة عسكريّة هائلة.. تتحوّل آليّا إلى دولة ذات ميول استعماريّة.. أو مسكونة بهاجس السيادة والهيمنة.. دفاعا عن مصالحها أو جلبًا لمنافع جديدة.
طيّب . تركيا هي من أهمّ الإقتصادات العالمية اليوم.. من يزورها يعود مصدوما بحجم التقدّم الّذي يعيشهُ شعبها..
وأنتُم سيادة الأبطال من حزب العمال وعصابة الوطد وبعض النّخبُوت الضالّ.. إذا كنتُم تصارعون ضد الإمبريالية فلماذا لا تحاربون الدولة الإمبرياليّة دون شكّ، فرنسا الّتي احتلّتكم أكثر من نصف قرن.. وملأت شوارعكم بأسماء زعمائها.. وإلى اليوم تُديرُ شؤونكم بهيمنة حقيقيّة.. وما صراعكم ضد تركيا بهذا الأسلوب إلّا صراعا بالوكالة لصالح الإستعمار الفرنسي الحقيقي..
الصراع ضد الإمبرياليّة يبدأ حتما بالصراع ضدّ الشّعوذة اليساريّة.. بامتلاك حقيقي لشوارعنا وتعليمنا وهويّتنا وتاريخنا.. ويبدأ أساسا في رأيي بالنظافة: نظافة شوارعنا من الأوساخ ونظافة أرواحنا من الأحقاد ونظافة عقولنا من الأوهام.
يا توانسة فيقوا.. أحنا رانا شعب مسّخ فلا يجوز أن نتحدّث بذاك الإستعلاء عن دول قوية ونظيفة..
يا توانسة.. آنظروا من نوافذكم.. آنظروا لشوارعكم..
أكبر قضيّة أعانيها شخصيّا في هذه البلاد ليست تركيا الإمبريالية.. إنّما تراكم الأوساخ الرّهيب في الشوارع والقلوب والعقول..
إنتهى النصّ.. ويمكن الآن للرفاق في البوكت والوطد.. إعلان الحرب ضد تركيا…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock