تدوينات تونسية

إعلامنا وحالة التّيه

صالح التيزاوي
أن تقوم نقابة الصّحفيين بوقفة احتجاجيّة بمناسبة زيارة الرّئيس التّركي إلى بلادنا تضامنا مع نظرائهم الأتراك القابعين في السّجون التّركيّة، فهذا أمر متعارف عليه في كلّ الدّيمقراطيّات. ولن ندخل مع منظّمي هذه الوقفة في جدل عقيم حول أسباب اعتقال الصّحفيين الأتراك وحول علاقتهم بالمحاولة الإنقلابيّة الفاشلة.
لكن عندما تغيب التّغطية الإعلاميّة في فضائياتنا بالكامل لمثل هذه الزّيارة، حيث اكتفت القناة الوطنيّة بستّ دقائق فقط لتغطيتها على الرّغم من أنّها تضمّنت توقيع أربع اتّفاقيات، فهذا إضرار بمصالح البلاد. لاشكّ أنّ اردوقان في زيارته يبحث عن مصالح بلاده ولكن أين مصالح بلادنا نحن يا نقيب الصّحفيين؟
من الطّبيعي أن تتعاطف نقابة الصّحفيين مع نظرائها في تركيا لكن ليس من الطّبيعي أن يتعاملوا مع ملفّ الإنتهاكات الصّحفيّة بانتقائيّة بغيضة. ما ضرّهم لو عدلوا في هذا الملفّ؟ في سوريا يقتل الصّحفيّون من النّظام ومن المعارضة ومن قوى الإحتلال، فلماذا غاب احتجاج النّقابة الموقّرة؟ بل إنّ أطرافا حزبيّة بينها وبين نقابة الصّحفيين نسب أيديولوجي شدّوا الرّحال إلى الشّام لالتقاط الصّور مع أكبر عدوّ لحريّة التّعبير عموما ولحرّيّة الصّحافة إلى حدّ الإعتقال والقتل. وفي مصر كمّم الإنقلاب أفواه الصّحفيين بعقوبات ردعيّة تتهدّد كلّ صوت حرّ واعتقل من تجرّأ على نقد النّظام الإنقلابي واستخدم القضاء لذبح الصّحفيين والصّحافة ورغم هذه المأساة لم يصدر عن نقيب الصّحفيين أيّ شكل من أشكال الإحتجاج.
قد يكون من حقّ النّقابة أن تركب حدث الإنتهاكات الصّحفيّة في تركيا لتحقيق أغراض لمصلحة أحزاب وأيديولوجيات كما ركبوا الثّورة المضادّة ولكن لماذا لا يجرّبون ولو مرّة ركوب مصلحة البلاد؟
ستّ دقائق لا غير تتكرّم بها القناة الوطنيّة لتغطية زيارة دولة يؤدّيها رئيس دولة إلى بلادنا، أليس في هذا عدوان على مصالح الشّعب الذي يموّل القناة المذكورة من الضّرائب التي يدفعها؟لقد خذل هذا الإعلام الشّعب والبلاد قبل الثّورة عندما رضي بدور الطبّال، لا نستثني إلّا أقلّيّة من الأحرار، وقبل أن يكون أحد أذرع الثّورة المضادّة، فركب موجة الإرهاب، عندما سمح لإرهابيّ برفع كفنه على المباشر في تحدّ صارخ للدّولة. أم تراكم ستقولون بأنّ من فعل ذلك “مهبول” رفع عنه التًكليف كما رفع عن آخرين احترفوا الكذب؟
كما ركب موجة الإحتجاجات وموجة المطلبيّة وموجة التّنمية وحتّى موجة العوامل المناخيّة لإسقاط حكومات وتخريب مسار بأكمله. واصطفّ إلى جانب أحزاب في مواجهة أخرى. فكم يجب علينا أن نخسر حتّى يؤوب إعلامنا إلى رشده؟ وإلى متى سيظلّ تائها عن مصالح شعبه؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock