تدوينات تونسية

الدرس الكبير من فشلهم الإنتخابي

نور الدين الختروشي
الذي أكد عليه بعض رموز النداء ومحسن مرزوق هو ضرورة العودة الى “أصل الحياة السياسية” في تونس منذ بروز الاسلاميين على المربع السياسي، وهو الاستقطاب الثنائي على قاعدة الفرز الهووي (نحن – هم).
كل رهانات خيار التوافق في بعده الاستراتيجي كان ومازال تفسيخ منطقة الاستقطاب على قاعدة الهوية ونمط المجتمع، لانه ببساطة يفتح دائما على ممكن التحارب وتفسيخ عقد المواطنة وموت السياسة.
التوافق عند أتباع الرئيس كان يبدو مجرد مناورة على استحالة استقرار الحكم في ضل البناء الدستوري القائم وفلسفة توزيع الموقع والسلطة مع تشريع انتخابي كان مقصده الاساسي قبل العهدة الدستورية ان لا ينفرد اي طرف ببناء معمودية النظام السياسي البديل عن النظام الذي اسقطته الثورة… الائتلاف الحكومي الذي أسست له الضرورة الدستورية أساسا كان فرصة لتوسيع منطقة الالتقاء بين لائكية تونسية جامحة وسائبة سياسيا وأصولية متطرفة فكريا وموزعة ايديولوجيا بين أقاصي اليسار وأقاصي اليمين، وبين اسلامية حركية تونسية مسار تطورها التاريخي لم يكن في مجمله العام وبجرد خطابها وممارستها سوى محاولة للتحرك من اليمين الى الوسط.
التوافق الذي بدأ خيارا سياسيا عموديا في النداء وحتمته الضرورة السياسية كان يبدو خيارا أفقيا متجذرا في مدار فكرة المصالحة الوطنية الشاملة عند حركة النهضة فأشد المعترضين من رموز النهضة على سياسات قيادة الغنوشي بعد المؤتمر العاشر غالبا ما يشدد على ان التوافق هو ثابت الرؤية وقاعدة للموقف…
بين الوعي التراكمي بحيوية واستراتيجية فكرة المصالحة الوطنية الشاملة التي تخمرت عند النهضويين في ثنايا تجربة سياسية طويلة عنوانها الابرز ادارة مسار دفع الكلفة والثمن لمحاولة التموقع في المشهد العام وبين الاطمئنان الراسخ لدى الطرف المقابل الذي لم يستخلص من الماضي سوى معنى قدرته على استئصال الاسلاميين من دون كلفة مباشرة على استقرار الحياة العامة ولا على مصالح الاطراف التي احتكرت ادارتها سياسيا منذ الاستقلال.. على قاعدة التخارج في الوعي بعنوان التوافق بين طرفيه نقرأ الدعوة الشقية لرموز النداء القديمة والجديدة لمراجعة الخيار ونقرأ حيرة النهضة في بحثها المتعب عن شريك عاقل على قاعدة المشترك الوطني…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock