تدوينات تونسية

من أجل ترشيح محرزيّة لرئاسة الجمهوريّة

عبد اللطيف علوي
من أصعب المآزق الّتي وجدت حركة النّهضة نفسها فيها في الانتخابات الفارطة، ومن المؤكّد أنّها ستعيش نفس الوضعيّة في الانتخابات القادمة: مسألة تقديم مرشّح لرئاسة الجمهوريّة.
معلوم أنّ خصومها وضعوها في الزّاوية خاصّة بعد الانقلاب على مرسي في القاهرة، حيث أوحوا إليها ضمنيّا بأنّه من المحرّم عليها تقديم مرشّح للرّئاسة، لأنّ ذلك سوف يطلق على الفور حالة استقطاب حادّ وانقسام خطير في المجتمع وسوف يعيد أجواء الانقلاب المصريّ ويستعمل في ذلك نفس المبرّرات.
ولئن كانت النهضة قد وجدت المبرّر المعقول لتجاوز المحطّة الفارطة باعتبار وجود المرزوقي كمرشّح نهضويّ غير معلن، فإنّها هذه المرّة سوف تجد نفسها أمام مشكلة جدّيّة غير مسبوقة، لأنّ المرزوقي فقد الإجماع النّهضويّ عليه لكلّ تلك الأسباب المعلومة، كما أنّ الباجي عرّاب التوافق من الجهة الأخرى قد استوفى عهده، والمرشح الندائي القادم ابن أبيه ليس بالشخص الّذي يعوّل عليه، كما أنه ظهر مزاجيّا متقلّبا، بدليل أنّه يعتمد على قوقعة فاسدة مثل برهان بسيس، إضافة إلى فراغ الساحة السياسية من أيّة شخصية أخرى تحقق الحدّ الأدنى من الإجماع المطلوب.
لذلك ستكون النهضة مضطرة سنة 2019، إلى تقديم مرشّحها للرّئاسة، وهذا المرشّح يجب أن لا يكون شخصا مثيرا للجدل الأيديولوجي الكبير، وأن لا يكون يحمل ثقل الصراعات القديمة المباشرة ضدّ النظام وحلفائه اليساريين والقوميين والنقابيين على حدّ سواء، لا يمكن أن يكون العريض مثلا أو المكي أو الجلاصي أو غيرهم من رموز الصّفّ الأوّل.
ما الحلّ إذن ؟
الحلّ في مثل هذه الوضعيّة يمكن استلهامه من كرة القدم، اللاعب الذي يأتي من خلف ويسجّل، اللاّعب الّذي يكون متحرّرا من المحاصرة الفرديّة، وهذا اللاعب في مثل وضعيّتنا هو في تقديري محرزيّة العبيدي.
لماذا ؟
محرزيّة العبيدي امرأة، وهذا سيكون في حدّ ذاته اختراقا مجتمعيّا كبيرا وتكريسا حقيقيا للمساواة بين الجنسين عن جدارة واستحقاق، ويسقط منذ البداية مقولة من يتهمونها بالرجعية في علاقتها بالمرأة.
محرزية العبيدي شخصية بسيطة منفتحة ومحبوبة من قبل شريحة شعبية واسعة، مرحة وكاريزماتية في آن، مرنة وقويّة الشّخصية في نفس الوقت وكلّنا نتذكّر كيف أدارت بكل اقتدار الاختلافات داخل المجلس التّأسيسي في أدقّ المراحل، وكان بن جعفر يلتجئ إليها بالقصد لتدير الجلسات العاصفة الكثيرة.
• محرزية عبيدي احتلت المرتبة السادسة ضمن تقرير لصحيفة هافينغتون بوست عن أكثر الشخصيات العالمية التي جعلت العالم أفضل سنة 2014.
• محرزية العبيدي عرفت الغرب وتعاملت معه في إطار مهامّها السّابقة من خلال شهادة ماجستير في الترجمة الاقتصادية وشهادة دراسات معمقة في الأدب الإنجليزي والدراسات المسرحية، درّست الترجمة في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية في سان دوني في ضواحي باريس.
وكانت تقوم بإلقاء محاضرات حول التربية في المجتمعات متعددة الثقافات، المرأة، الدين والمجتمع. كذلك تنشط مع أديان من أجل السلام، وهي منظمة دولية غير حكومية معترف بها لدى الأمم المتحدة. وترأست منذ 2006 شبكة نساء مؤمنات من أجل السلام. في 2009، وأصبحت عضوة في المجلس الأوروبي للزعماء الدينيين. كل هذه الاعتبارات تجعل منها شخصية مقبولة على المستويين الأوروبي والدولي ولن ينظر إليها كزعامة إخوانيّة تقليدية مثلما كان الحال مع مرسي.
من أجل هذا كلّه، ولأنّها امرأة تونسية ومواطنة كاملة الحقوق حتى وإن خرجت ضدّها ذات يوم بعض المناضلات من جمعية قدماء عبد الله قش ورفعن ضدّها شعار: “المرا التونسية ماهيش محرزية”، فإنّي أطرح هذه الفكرة لتعميق الرّأي والحوار حولها، وأتوقّع أن تحظى بالاهتمام. ومن كان يؤمن مثلي بذلك، فلينشر ولنجعلها حملة وطنية للدفع نحو هذا الخيار.
#عبد_اللطيف_علوي
#محرزية_العبيدي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock