تدوينات تونسية

17 ديسمبر المجيد لم يسفر بعد عن كلّ مفاجآته…

سامي براهم
بعد أن احترق البوعزيزي لم يتوقّع أحد أنّ ذلك سيكون شرارة ثورة تجتاح الشرق العربي مغربا ومشرقا ولا يزال أثرها ممتدّا بأشكال قويّة أو ناعمة… حتّى بعض قامات الجامعة على اختلاف اختصاصاتها وبعض قامات السياسة لم تستوعب الحدث وفاجأها الزّخم الثّوري الذي تلى حدث الاحتراق…
وحدهم من نزلوا الشّوراع يواجهون الرّصاص كانوا في خيار بين الموت والحريّة… بينما بقي جزء كبير من نخبتنا الموقّرة تستجمع جهازها الاصطلاحي وعدّتها المنهجيّة العتيقة وتلوك المقولات الجاهزة لهضم ما وقع وتفكيكه…
نحن نعيش نفس الوضع الرّمادي الذي كان عليه البلد بين 17 و 14 … طابور نخب السلطة وإعلامييها وسياسييها في حالة اطمئنان لما عليه الوضع في البلد… ولا يعلمون ما تخبّئه الأحداث من تحوّلات نوعيّة… العديد منهم لم يستفد من درس التّاريخ والسوسيولوجيا الحيّة المتحرّكة وعاد إلى ما كان عليه ليقيم على نفسه الحجّة ويجسّد قصّة ذيل الكلب والقصبة…
لا يعلم هؤلاء أنّ الثّورة وشعب الثّورة ما زال لديهم الكثير من المفاجآت في الزّمان والمكان وبالشّكل الذي لا يتوقّعه أحد… سيجد هؤلاء من جديد أنفسهم في تسلّل التّاريح والجغرافيا والقيم والمنهج…
كلّ 17 ديسمبر وهم خائبون متناحرون… لا تستمعوا لأصواتهم النّاعقة المضلّلة… احتفلوا بثورتكم بأقصى ما تستطيعون…
الرّحمة للبوعزيزي ولكلّ الشّهداء والشّفاء للجرحى والأمل لمن ينتظرون قطف الثّمار…
كلّ 17 ديسمبر وأنتم على أمل جديد في ترسيخ الثّورة واقعا حيّا في ربوع هذا البلد الطيّب…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock