تدوينات تونسية

قبل توقيعه، كانت القدس، وبعد توقيعه صارت القدس

صالح التيزاوي
القدس لن تمحى من الوجود بمجرّد توقيع من ترامب ولن يكفّ العرب والمسلمون عن السّعي ومعهم أحرار العالم لاسترداد حقوقهم التّاريخيّة مهما عربد الصّهاينة ومهما انتشى ترامب بتوقيعه، ومهما خان حكّام العرب وتآمروا على شعوبهم. هكذا علّمنا التّاريخ: “ما ضاع حقّ وراءه طالب”.
احتلّت فرنسا الجزائر، وما كان في حسبانها أنّها سترحل، وارتكبت من المجازر والمذابح ما لا عين رأت ولا أذن سمعت لإرهاب الشّعب الجزائري، ولكنّها لملمت أشياءها ورحلت في
النّهاية تحت ضغط المجاهدين. ونفس الشّيء فعلته في تونس، ولكنّها رحلت في النّهاية تحت ضربات المقاومة. احتلّت بريطانيا التي لا تغرب عنها الشّمس بلاد الهند حتّى صارت تنعت بـ”الهند البريطانيّة”، ولكنّ الإحتلال رحل في النّهاية وبقيت الهند. ابتلي شعب جنوب إفريقيا بنظام عنصري بغيض للأقلّيّة البيضاء المدعومة من دولة “وعد بلفور” ودول غربيّة أخرى تتباهى اليوم بميراثها الحقوقي. وسقط في النّهاية نظام الفصل العنصري وعادت دولة جنوب أفريقيا لتحتضن شعبها بكلّ أطيافه وألوانه. حتّى الولايات المتّحدة الأمريكيّة التي وقّع رئيسها هذه الأيّام على تهويد مدينة القدس، هي الأخرى، رزحت تحت الإحتلال الإنقليزي، ولكنّها نالت في النّهاية استقلالها.
لذا لن تكون القدس ولا فلسطين ولا الجولان استثناءا من التّاريخ. ستعود الأرض إلى أهلها وستزول معالم الإحتلال إن عاجلا أو آجلا، لأنًّ حقوق الشّعوب لن تزول بمجرّد توقيع. لكن قد لا يتحقّق ذلك قبل أن تزول أنظمة عربيّة لا تختلف في شيء عن الإحتلال في قسوتها على شعوبها.
بارك اللّه في الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، وفي كلّ حرّ رافض للظّلم، ولا بارك اللّه في الإحتلال والمحتلّين وفي المتحيّلين وفي الخائنين.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock