تدوينات تونسية

بناتنا الفقيرات البائسات

عبد اللطيف علوي
يحزنني كثيرا “سَلْعَنةُ البشر” في الفضاءات التجارية الكبرى، وفي مرافق مزوّدي الاتصالات وفي المحلاّت والمغازات ودكاكين المرفّهين…
يحزنني كثيرا أن أرى صبايا في عمر الورد، يلبسهنّ أرباب الثروة والجاه، ويعرّينهنّ ويعرضنهنّ أجسادا ملفوفة في الواجهات، يطلين وجوههنّ بأصباغ العهر والقهر، ترى عيونهنّ المضمّخة بالألوان تخفي دمعا وذلاّ وانكسارا واستسلاما كاملا لقانون السّوق، سوق الشّهوة، ترويج السّلع والبضائع وترغيب الزّبائن وجذبهم وإغواؤهم عن طريق الشّهوة… أيّ زمن كافر وكريه هذا…
هؤلاء الصّبايا يثرن الشّفقة والرّثاء، رأيت بعضهنّ اليوم في حيّ النصر بأزيائهنّ الموحّدة، وقد تجمّعن كاليتيمات في ركن قرب إحدى البنايات يتناولن سندويتشات في فترة راحتهنّ، لا شيء يسترهنّ، لا جار ولا جدار… تخيّلت أنّي أرى فيما بينهنّ ابنتي، فانعصر قلبي وذاب…
هؤلاء فقيرات بائسات، بناتنا، بنات الطبقة الكادحة المسحوقة، أعرف بعضهنّ من بنات حي التضامن وحي البساتين، بائسات فعلا كلّ همّهنّ أن يأكلن لقمة نظيفة ويساعدن عوائلهنّ ويشترين لإخوتهنّ أكياس الحلوى ولعب العيد…
هؤلاء بناتنا، وأخواتنا، يقفن تلك الوقفة الحزينة المهينة كي يجلبن الزّبائن لحيتان البرّ والبحر…
ألا لعنة الله على هكذا عولمة.
#عبد_اللطيف_علوي

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock