تدوينات تونسية

ليس إرهابا وليس أعمى

عبد الرزاق الحاج مسعود
إنه قتل مدبّر ومبرمج ومخطّط ويرى أهدافه بوضوح.
العنف المتوحّش العابر للدول عبر حدودها البرية والجوية والبحرية المراقبة بالرادارات الحديثة وبالأقمار الصناعية ليس عنف أفراد منفعلين يجعلهم حماسهم لفكرتهم كائنات خارقة لقوانين المادة والسياسة والتاريخ.
العنف الإجرامي الذي يدخل مدنا بكاملها تحت أعين “القوات الدولية” وأعين الأنظمة المنسحبة في هدوء بامر ما (الموصل والرقة مثالا) ويستقرّ فيها وتصله إمدادات الأسلحة المتطوّرة والسيارات الرباعية الجديدة عبر الموانئ والإنزال الجوي.. والذي ضرب أمس بطريقة ممسرحة بإتقان قرية مصرية يجري العمل على إخلائها ضمن “خطة القرن” التي لا يتورع أصحابها عن السير الفعلي في إنجازها منذ مهزلة “تيران وصنافير” والانقلاب السعودي المتواصل…
هذا العنف الأهوج ليس عنف شعوب مغلوبة على أمرها وتقاتل من أجل حريتها واستئناف حياتها.

إنه عنف “ذكيّ” استراتيجي هدفه تجديد أدوات استعمار منطقة لا تزال تمثل مجال أطماع “طاقية” تحتاجها الرأسمالية النهمة، وأطماع “حيوية” تحتاجها مشاريع تمدّد قومي مدفوعة بأوهام الحق التاريخي.
وهو عنف يوظّف في طريقه كلّ مخرجات تاريخنا العاطل: استبداد ولّد قهرا وضيما ويأسا وفقرا مضافا إليها جهل وأمية وجمود فكري وانقسام طائفي ومذهبي مثير للسخرية، و”نخب” مصابة بالورم الايديولوجي والغرور المعرفي المانع للمعرفة.

الذي جعل هذا العنف يستبيح درجات عليا من “الجنون” هو حدث الثورات العربية التي كادت تخترق حالتي الهيمنة الاستعمارية والركود التاريخي اللتين كادتا تصبحان قدرا عربيا أبديا.
لمواجهة هذا الجنون الهمجي الموجّه والموظّف بذكاء “دولي” نحتاج عقلا استراتيجيا يوازيه في الذكاء والفاعلية العملية…
إن لم يكن ذلك،
قد يولد “جنون” “ذكيّ” يقلب الطاولة على الجميع.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock