تدوينات تونسية

في تمجيد العصاب والطرويش والدروشة

كمال الشارني
أيا كانت الأحوال، لا يمكن تقديم شخصية “أمينة تايلر” شهرت “فيمن” إلا بصفتها شخصية مرضية عصابية، على الدولة ضمان علاجها، إنما ليس تخصيص 600 ألف دينار من المال العمومي الصعب لتمجيدها وتتويجها، بصفة قائدة رأي، “محررة مجتمع متخلف ما يزال يعتبر المثلية والمثليين عارا”.
شرفتني نشرية مهرجان أيام قرطاج السينمائية بالمشاهدة المسبقة للأفلام الوثائقية الطويلة لإعداد مقالات صحفية عنها، وكان علي واجب التحفظ، الآن وقد حطت أيام قرطاج السينمائية أوزارها وانفض الجمع، من حقي أن أقول إن منح جائزة التانيت البرونزي لفيلم “في الظل” للمخرجة نادية المازني حفيظ في مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل، هي خيبة حقيقية ومضاعفة ولا تفسير لها.
الخيبة الأولى من جهة أن إنفاق كل هذا المال العام على مثل هذا الشريط مثير للحيرة، في حين يرفض عشره لتمويل أفلام مخرجين شباب بأفكار حقيقية بعيدا عن اهتمامات المجموعة المضيقة المتصرفة في السينما في تونس والتي يمكن جمعها في مقهى واحد في سيدي بوسعيد في المواضيع التي لا تبعد عن الجنس الشاذ والجماعة الذين غلبت عليهم الشبعة والتخمة فأنتجوا فيلما بأموال الشعب،
الخيبة الثانية، هو تتويج أمينة نفسها، تحمل جائزة المهرجان وتبتسم للمصورين، علامة على أن العصاب والطرويش والدروشة، قطع شرايين اليدين، تدخين المخدرات، العجز عن تكوين جملة مفيدة، كلها مكونات شخصية ناجحة، قائدة رأي كانت على صواب، فقد تلقت التتويج في النهاية، مجرد أن أتذكر فيلم كورو دي باكورو (بوركينا فازو) الذي تكلف عشر كلفة فيلم في الظل، أحس بالخجل.
المهم أن تعدل
يعني لازم واحد ينطق من جنبه بسبب العوج المتفشي بين المنسوبين على مهنة الصحافة ظلما، كونك لا تعرف، فهذا عيب، أن تدافع عما لا تعرف، اسمه جريمة أخلاقية، المعركة حول المال والفضاء العموميين وصناعة رموز البلاد وقيمها، حين تخصص وزارة الثقافة 600 ألف دينار، يا سيدي حتى 100 ألف دينار لإنتاج وثائقي حول الشهيد النقيب مهدي الحداد وصديقه المعتمد محسن بن عانسي الذين أعطيا حياتهما لإنقاذ تلاميذ مدرسة نائية، سنحترم اختيارك في تمويل وثائقي آخر حتى عن الشيطان نفسه، المهم أن تعدل في اقتسام أموال الشعب التونسي.
الآن، حاول أن تنشر تلك البذاءة التي مولتها الدولة باسم أمينة تايلر أو فيمن في الداخل ؟ أما إذا أنتجت فيلما عن الشهيد النقيب مهدي الحداد فسوف يتدافع الناس لمشاهدة قصة واحد منهم، قصة إنسانية حقيقية لها معنى وتستحق التخليد، المهم أن تعدل.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock