تدوينات تونسية

إلى سيدي وزير الداخلية

كمال الشارني
وزير الداخلية أمام مجلس النواب: “القبض على 26.861 مفتشا عنهم من غرة سبتمبر إلى اليوم”، (10ّ/11)، أي بمعدل 500 كل يوم، أوكي، جيد، لكن، أقصى طاقة استيعاب السجون التونسية هو 25 ألف سجين بين موقوفين ومحكومين، وهذا تسميه المنظمات الحقوقية فوق الطاقة بـ 150 بالمائة، إذن أين وضعتم كل هذا العدد الجديد المهول من الموقوفين ؟
لنقل أن نصفهم تم تسريحهم للاعتراض على أحكام غيابية أو لترتيب خلاص خطايا وغيرها، باقي عندنا 13500، لنقل إن النيابة سرحت نصفهم، باقي عندنا 6750، أكثر من طاقة أي سجن في تونس.
أنا، ما يحيرني، ليس عدد المقبوض عليهم، أفترض أن أغلبهم ضحايا أوضاع مائلة لا يستحقون السجن، بل أن لا يتم القبض على منحرف موضوع أكثر من 50 منشور تفتيش بين اغتصاب وسلب مسلح ومحاولات قتل، إلا صدفة، في دورية أمنية عادية، فيدخل الإحصائيات السطحية مثل من تخلف عن دفع خطية مرور.
حتى لا تكون الخسائر فادحة في الداخلية
وما دمنا في وزارة الداخلية التي تعرض الآن على نواب الشعب، فإننا نحب أن نعرف، بصفة رسمية ومن السيد وزير السيادة نفسه حدود وصلاحيات ممثلي النقابات الأمنية، وما إذا كان من حقها ممارسة الإضراب أو التهديد به أو تعطيل العمل، أو محاولة تسلق أسوار مجلس السلطة التشريعية أثناء إنعقادها، أو القول الموحش والفاحش لرئيس السلطة التنفيذية “هبليه يا نقابة هبليه”، أو التهجم على السلطة القضائية وتهديدها، وعما إذا كان وزير الداخلية قادرا على… ما ندريش أنا، لن أقول السيطرة عليها، على الأقل فتح باب التفاوض معها من أجل ما بقي من هيبة الدولة، حتى لا تكون الخسائر فادحة، التسريبات فاقت الخيال، الثغرات الأمنية أصبحت في مجال الخيانة الوطنية، شبهات حول تمويل وتأطير الإرهاب، آه وبالأمارة، أن يذكرنا السيد وزير الداخلية أمام نواب الشعب بأن تصريحات ممثلي النقابات الأمنية عن تفاصيل الجرائم التي تحدث مخالف للقانون، وأن ثمة ناطق رسمي باسم الوزارة، وأن النيابة العمومية هي المخولة أصلا لذلك، وأن أي تصريح من غير هذين الطرفين هو جريمة قانونية وفق المجلة الجنائية التونسية ومخالفة إدارية تتطلب الإيفاف الفوري عن العمل والإحالة إلى مجلس التأديب، يا ريت، سي لطفي براهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock