تدوينات تونسية

موريتانيا وحكم الإعدام …

بشير العبيدي
#أقولها_وأمضي
قصة المدوّن الموريتاني الذي نشر مقالة اعتبرت مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم تعكس في حقيقتها أزمة عميقة لمجتمعات المسلمين التي لم تستطع بعد أن تتأقلم مع عالم سريع التحولات…
بالتأكيد لا أومن بالإساءة لأي مقدّس في الأرض، فكيف والمقدّس هو خالق الأرض والسماء ومرسل الرسل والأنبياء؟!
لكن ّ قناعتي راسخة أن الإيمان سيبقى في هذا الوجود هو الأقوى لأنه يتغذّى عبر صلته الوثيقة بالسمع والبصر والفؤاد، وأن هذا الإيمان لا يكتسب معناه إلا من خلال مقارعة مسؤولة وعاقلة لعكسه وضده، وهذا يستوجب تأسيس مجتمعات حرية الضمير، التي تناكف عن إيمانها بقوة الإقناع، بديلا عن قوة السلطة العامة وقهر المجتمع…
لقد خسرت المجتمعات المسلمة قرونا وهي تحاول -عبثا- تنميط كل الناس في شخصية واحدة وشكل واحد وصورة إيمانية واحدة، لكن ذلك غير ممكن، والنبي صلى الله عليه وسلم كان أعرف البشر بمراد رب البشر حين قال: إن أحدكم ليصبح مؤمنا ويمسي كافرا! وهي إشارة لطيفة لتغير الزمان وتبدل الحال !
بكل إيمان وإخلاص، أقول للأحبة في موريتانيا وفِي كل مكان تظهر فيه هذه الظواهر، إننا لن نغلبها لا بالقضاء ولا بحكم الإعدام ولا بالدول ولا بالقهر الاجتماعي… لكننا نغلبها بالحرية ! الحرية وحدها قادرة على حماية مجتمعاتنا من هذه الظواهر لأن الحرية التي أسسها القرآن الكريم: من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر هي التي ستضمن مكانا لكل أحد في مجتمعاتنا، فلن يضطر لسب المقدسات لكي يشتهر ويعرف خبره ويصير بطلا دون بطولة وضحية دون جلاد ! إنها ظواهر تقتات دوما من قصعة البؤس الفكري والقيمي والديني والسياسي الذي نعيشه…
أدعو من يخالفني الرأي -بكل احترام- لطي قصة هذا المدون، والدعاء له، وإظهار الشفقة به، وإبراز لطف مجتمعاتنا بأمثاله، تأسيا بمن قال: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون !!
ولتكن توبته التي عبر عنها أمام المحكمة توبة القناعة لا توبة الخوف والخضوع، ونحن لا نكسب شيئا من إعدامه بل نخسر صورتنا القرآنية الأصيلة، صورة حرية الإيمان !
أدعو الحكومة الموريتانية وكل حكومة عربية لطَي هذه الصفحة وفتح المجال لمجتمع حر مسؤول يكون فيه مكان لكل أحد مهما اختلفنا معه، ويبقى ماعون العقل والحجة هو الكفيل بالتفاهم والتواصل والإقناع!
✍? #بشير_العبيدي | صفر 1439 | كَلِمةٌ تَدْفَعُ ألَمًا وكَلِمةٌ تَصْنَعُ أَمَلاً |

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock