تدوينات تونسية

من أجل إنقاذ الجامعة…

سامي براهم
معدّل مواكبة الطّلبة حضوريّا للدّروس ونسقه في عديد الكليات لا يتجاوز الخمسين بالمائة بسبب التحرّكات الاحتجاجيّة والإضرابات والغيابات، ممّا يؤثّر على مصداقيّة الشّهادات والدّرجات العلميّة التي يحصلون عليها…
مواكبة الدّروس خاصّة في الحصص التي لا تقوم على الاستعراض الإملائيّ يمكّن الطّالب من الحوار والتدرّب على اكتساب مهارة التفكير المنهجي وعرض أعماله للتقييم في القسم. الحضور للدّروس يخلق حالة من النّشاط الذّهني والوجداني واليقظة الفكريّة والإقبال على المعرفة حتّى تصبح إشكاليات الاختصاص همّا وشغلا شاغلا.
ينجح العديد من هؤلاء وهم لا يستحقّون النّجاح… يحتجّون على التّشغيل وهم لا يستطيعون توظيف معارفهم الهزيلة وشهاداتهم المزيّفة إلا في الوظيفة العموميّة عندما يصبحون جزء من منظومة إداريّة تقوم على البيروقراطيّة والمحسوبيّة والفساد الإداري مع ضعف الرّقابة والمحاسبة، بل مع مثال سيّء لقانون العفو عن الفاسدين في الإدارة.
واقع متردّ يبدأ من الطّالب الذي يتغيّب عن الدّروس والإدارة التي لا تطبّق والأستاذ الذي يتسامح في إسناد الأعداد والمجلس العلمي الذي يتسامح في الإسعاف.
كلّ الأوضاع الاجتماعيّة والإداريّة التي تعطّل الطّلبة عن التّحصيل العلمي في نسق متواصل ومستقرّ يجب أن تكون محلّ أنظار أصحاب القرار وأن يسهم كلّ أطراف العمليّة التعليميّة “طلبة وأساتذة وإدارة وجامعة ووزارة وحكومة ومؤسسة تشريعيّة في فضّها… ولكن مع كلّ ذلك يجب حماية الدّور التعليمي والمعرفي للجامعات…
التّعليم ليس مؤسّسة خيريّة أو جمعيّة تضامنيّة بل فضاء للتّواصل المعرفي يقوم على التّفاعل التّراكمي الذي إذا انقطع أو تعطّل نسقه انهار البناء.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock