تدوينات تونسية

في اللعب بالأصابع.. والإصبع الوسطى

الخال عمار جماعي
في يوم كهذا، حملت إصبع سبّابتي كالمتشهّد بعد أن تطهّرت بماء ساخن وظللت طول الطريق أفاخر به على بقية الأصابع. أقول للإبهام: “ما أغلظك مثل ذاك المرشّح ذي الكرش !” وأضحك من مفصله الأوحد كعنق دجاجة الحاكم فيرتدّ مغضبا.. ألتفت للوسطى فأكاد أبصق عليه: “من علامات حمقك طولك وانحنائك الأبله” فيغضب ويدرك أنّه دون السبابة طهارة وقداسة فينكمش خجلا. يحاول البنصر أن يختفي وراءه فأقول له: “أتعلم أنّه لو جاز للكفّ أن يكون بأصابع أربعة لكنت أنت في حكم المعدوم”.. يبلعها ويسكت.. كان الخنصر متشاغلا مع الابهام في ملاعبة ركيكة.. فلم أعره اهتماما فشأنه أن يدخل في الأنوف.. !! قلت لهم حاسما: “ستفعلها السبّابة يا أبناء المستنقعات الآسنة” !!
دخلت المكتب، ضحكة الصبيّة الخجولة تجعل الانتخاب كأس نبيذ معتّق.. مددت بطاقتي الوطنيّة جدّا وغمست سبّابتي الباهرة في “الأزرق الجميل”.. كنت أشعر أنّي عمّدتها بدم الشهداء وطهّرتها بشاطيء غزّة الأبية وطوّفتها في الرّافدين العظيمين وخوّضت بها في النيل الأزرق وأشرت بها لبحر العرب وقطفت بها وردة من جبل “الاوراس” وزهرة وحشية من “الأطلس”.. خرجت سبّابتي كعروس جلاّها الذهب والياقوت.. دخلت الخلوة فلم أتمالك وأنا أتذكّر “رجيم معتوق” وقهر الرّجال، فبكيت كيتيم قد نصرته الأيام.. انتخبت “الثورة” وأنا مطمئنّ جدا.. أيخون النّاس شهداءهم ؟! ذهب عهد “احشي غادي الورقة الحمراء” !!
خرجت من خلوتي كفارس لم تخذله فرسه.. وتعمّدت -مشاغبا- أن أشير بعلامة النّصر لمراقب “حزب الباجي”.. طأطأ ذليلا كالاصبع الأوسط.. قالت لي ذات الضحكة الخجولة معاتبة “s.v.p monsieur ammar”.. فلم أعتذر.
… في الأخبار كنت أنتظر صورة سبّابتي /العروس.. لكنّ المذيعة أخرجت لي “اصبعا آخر طويلا” وينحني نحو الشّعب..

“الخال”

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock