تدوينات تونسية

من هزليّات ما بعد الثورة

نضال السالمي
يذهب اليساريّون والثوّار في حماية أمن النّظام إلى إعلام النظام ليشتموا النّظام ثمّ يعودون سالمين لمنازلهم في حماية مشددة لأمن النّظام..
هؤلاء إمّا متواطئون سرّا مع النّظام ويلعبون لصالحه.. أو أنّ النّظام أكثر مكرا ودهاءً منهم إلى درجة أن جعَلَهُم بيادق وكاراكوزات ثورجيّة.. وفي الحالتين ثمّة إشكال كبير ومرعب.
الثّورة أحبابي لا تحتاج شتّامين ولا حناجر قويّة ولا عنتريّات.. الثورة تحتاج الكومباس.. المخّ.. الذّكاء.. التّكتيك.. فنّ التخطيط والتوجيه والإختراق والإدارة.. الثّورة تحتاج عقلا كبيرا وروحا عظيمة وكفى (الزوز لا نملك منهم في تونس.. الثورة تحتاج رجلا مثل راشد الغنوشي في صفّ الثورة).
هاو مش يهبطوا الثورجوت.. ويكبّشوا في كلمة راشد الغنوشي ويتركون كلّ مضمون آخر.. أنا لا دخل لي بحساباتكم.. وما أعرفه يقينا أنّ السيّد راشد الغنوشي هو اللاعب السياسي الوحيد على الساحة ويملك إمكانيات للتخطيط والذّكاء وفن إدارة المعارك بدهاء مذهل يعترف به خصومه في الكواليس..
لو كان راشد الغنوشي يتبنّى جميع قيم الثورة.. لو كان قائدا لها.. لكان الوضع مختلفا جذريّا.. لأنّ القادة الآخرين للثورة لا يقدرون في أقصى الحالات على قيادة قطيع صغير من الدّجاج أو الماعز..
لقد صرتُ عاجزا تماما عن متابعة آراء الثورجوت.. وأعتقد أنه ثمّة علاقة منطقية مباشرة بين كثافة الحقد والشتيمة من جهة وبين قلّة الذكاء والحكمة من جهة أخرى.. ولذلك أتّهم دون تردد جميع المزايدين والشتّامين والمُتَعنتِرين في السياسة بأنهم يعملون لصالح النظام القديم وضدّ الثورة والإصلاح: هذا قانون عام في فهم مسارات الثورة وأسباب فشلها.
الحاقدون والشتّامون لا يمكنهم إطلاقا أن يصنعوا بديلا أفضل.. لأنّ أساليبهم ورهاناتهم من روحانيّة مقزّزة تعمل عميقا ضدّ الإصلاح.. وضدّ الإنسان.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock