تدوينات تونسية

سي قارو (3)

سمير الجدي
إنتهى عهد التسول
لا يمكن تصور عمق المنحدر الذي ينزل فيه الإنسان من جراء سيجارة. تخيل معي هذه الصورة: مواطن له بيت وعمل ومكانة محترمة بين جيرانه وزملاء عمله، ومن جراء إدمانه على النيكوتين يجد نفسه مجبرا أحيانًا أن يتسول سيجارة. إنه موقف يمكن أن يجمد دما نظيفا من النيكوتين في العروق. والآن أنت خارج هذه الدائرة السوداء تشاهد ممثلين متعبين يلعبون مسرحية التعب والموت.
حتى وإن كان لديك إحساس بالأسف لزملاء الأمس وإخوان ”الصفاء” و ”مارلبورو” وأنك خلعت عنك قميص الإنتماء إلى شيعتهم. فلك الآن الوقت لكي تتسلى معهم شيئا ما. حينما يخرج زملاؤك للتدخين وزع عليهم العلكة الشبيهة بالسجائر، وتمتع بالنظر إلى وجوههم المستغربة حينما يشعلون ”سجائرهم” المهداة منك.
لا تخف فلن يحدث لك شيء، فهم لا يمكنهم أن يلحقوا بك بما لديهم من رئة متعبة. وسوف يتوقفون عن ملاحقتك بعد عشرين مترا من الجري. ولن تسمع وراءك خطواتهم وهم يركضون، بل سعالهم وصوت تنفسهم ولهاثهم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock