تدوينات تونسية

الرّجل الغامض بسلامته يشبّه نفسه بزعماء الحركة الوطنيّة

صالح التيزاوي
على طريقة: “خوذ وهات” في كرة القدم، دار الحوار على القناة الأولى بين “المزروب” على السّلطة، طالبها بكل السّبل ومهما كان الثّمن وبين من سمّى نفسه “سيف الإعلام المسلول”.
لم يبح الحوار بأسراره ولم يأت بالجديد بل كان استرجاعا للذّكريات بين من جمعتهما في الماضي الأيديولوجيا “الماركسيّة اللّينينيّة” وفرّقت بينهما الطّموحات الشّخصيّة.
وبين الماضي والحاضر تغيّر كلّ شيء إلّا الموقف من “الإسلام السّياسي” أو من يسمّيهم صاحب المشروع “لخرين”. فكانا كمن يصالح الماضي على واقع مختلف. جاءت الأسئلة بسيطة إلى حدّ السّذاجة، لم ترتق إلى مستوى التّقصي وطرح الإشكاليات في علاقة بتقلّبات صاحب المفتاح: من “المجلس التّأسيسي الموازي” مرورا باعتصام “الرّزّ” لإسقاط الشّرعيّة إلى الإنشقاق على حزب النّداء، ثمّ تكوين مع سليم الرّياحي وآخرين “جبهة الإنقاذ” لينشقّ عنها سريعا ما إن أثيرت جملة من الشّبهات حول رئيس الإتّحاد الوطني الحرّ. لقد عمل “المزروب” بمبدإ السّلامة حيث قفز من السّفينة قبل غرقها وترك حليفه يجابه مصيره بنفسه.
وهذا ما يخيف في صاحب المشروع الذي بدا نرجسيّا كالعادة ومغرورا فوق العادة إلى حدّ تشبيه نفسه بأفذاذ الحركة الوطنيّة من أمثال “الحامّي” و”التّليلي” وهو تشبيه لئن كان يجمّل “مادح نفسه”، فهو يسيء إلى ماضي الزّعيمين الكبيرين رحمة اللّه عليهما. “المزروب” لا يثبت على حال ولا يستقرّ في حزب، مولع بتكوين الجبهات، كلّما ضاقت عليه جبهة فتح أخرى. ما الذي يجعل التّونسيين يثقون بمشروعه وقد اختصّ في فتح الشّقوق؟ ولماذا علينا أن نصدّقه في حديثه عن “الوحدة الوطنيّة” وتكوين أغلبيًة قادرة على “إخراجنا من قعر البئر” وهو الذي ألقى بأصدقاء الأمس وحلفائه في قعر البئر ؟ كما عمل مع أمثاله طيلة حكم التّرويكا” على إغراق البلاد تنفيذا لمشاريع “لا وطنيّة” وما كان “محمّد علي الحامّي”و”اللتّليلي” على هذه الشّاكلة، فما استبدلا بالولاء لتونس ولاءات أخرى لمن يدفع. ولم يقبلا بديلا عن الحرّيّة على عكس صاحبنا الذي استغلّ مناخ الحرّيّة الذي أتاحته الثّورة لضرب الحرّيّة. فهل علينا أن نصدّقه فيما أسماه “وحدة الأمّة التّونسيّة” وفي مزاعم يكذّبها الواقع ؟
كنّا ننتظر ممّن أعلن نفسه “سيف الإعلام المسلول” أسئلة تفضح علاقة “المزروب” بأصحاب المشاريع الدّمويّة: بشّار الأسد والسّيسي المنقلب وخليفة حفتر. كما كنّا ننتظر وبالدّرجة نفسها أسئلة تفضح علاقة “المزروب” بـ “آل زايد” الرّاعي الرّسمي للثّورة المضادّة والإنقلابات العسكريّة في الوطن العربي، بتدبير من الصّهيونيّة ومن المخابرات العالميّة. أليس من حقّنا أن نخشى على مستقبل الحرّيّة والدّيمقراطيّة النّاشئة في بلادنا من صاحب المشروع الذي لا يستطيع أن ينكر علاقته السّيّئة بالدّيمقراطية نشأة (فهو ماركسيّ) وواقعا بحكم انخراطه في الثّورة المضادّة وكونه أحد مخالبها، ومآلا بحكم استدعائه للحقبتين البورقيبيّة والنّوفمبريّة باستعمال مصطلح “الأمّة التّونسيّة” وإن كان من باب الإنتهازيّة ومصطلح “هيبة الدّولة” وتطلّعه إلى مشاريع دمويّة تسقط من اعتبارها مبدأ المواطنة وتلغي الحرّيّة بذرائع ساذجة ولئيمة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock