تدوينات تونسية

في طريقنا إلى ما لن يأتي …

عبد الرزاق الحاج مسعود
جرّبنا كل أنواع اليقين والغرور السخيف،
وكل أنواع الحماس الطفولي الساذج،
وكلّ أنواع الخصومات والحروب والمعارك المقدّسة.. الزائفة،
وها نحن نضاعف من كلّ هذا حتى ونحن نشرف على عمق آخر من الجحيم.
طاقة العناد العربي -باسم الصمود والتحدّي والثبات- ليس لها مثيل،
ما زال من بيننا من يصرّ على ترديد نفس السخافات منذ قرون دون أن ينتبه للسوس المتساقط من لسانه ومن كل أعضائه،
ما زال فينا من يصرخ بنفس شعارات النصر رغم وقوفه في قلب الهزيمة والرماد: رماد الشعب والأرض اللذين يصرخ باسمهما.
ما زال فينا من يقرأ بخشوع ذليل التصنيفات الفقهية حول جواز الصلاة بالثوب الأحمر، وجواز قيادة المرأة للسيارة وأحكام القبلة، ليواجه حضارة تطوّر كل فروع المعارف يوميا (من علوم الفضاء إلى علوم الكائنات المجهرية)،
ما زال فينا من يستعدّ لـ “الشهادة” بفرح مخزِ دفاعا عن حسين وزينب وفاطمة.. وعن عتبات الخرافة.
ما زلنا نسير في الاتجاه العكسي للوجود مخدّرين بروائح الموت.. في طريقنا إليه.
لا يهمّ أن تكون يائسا أو متفائلا ترفع راية التبشير والتحفيز والتحشيد للمعركة القادمة.
بعد المعركة سنكون في نفس الطريق: سواء تركوا لنا مساحة “نصر” كافية ليقتلنا منتصرون واثقون من دعم السماء،
أو أمعنوا في هزمنا وإهانتنا لتزدهر فينا أكثر خرافة الابتلاء.
المأساة
أن هذا الزحام المندفع كسيل أعمى،
لا يسمح بالتوقف لالتقاط نَفَسِ فكرة عاقلة،
فضلا عن أن يسمح بجرأة الإعتراف بأننا في طريقنا إلى ما لن يأتي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock