تدوينات تونسية

حال الحاكم و المحكوم

منذر ونيسي
حكم الناس وإدارة الدولة ورعاية مصالح المواطنين تتطلب معرفة ودراية بواقع البلاد وتركيبتها السكانية والإقتصادية والنفسية..
رعاية مصالح الناس تتطلب معرفة الواقع و قدر كبير من البراغماتية والشجاعة والصبر والثقة قي النفس والإيثار…
مطلوب من الحاكم أن يكون ذا علم وحلم وشجاعة وبصيرة وصبر على الناس ومعرفة بدقائق الأمور وترفع عن السفاسف والمهلكات…
رجل الحكم والدولة تصهره الأيام والليالي والأزمات والإخفاقات ومعاشرة الناس بكل أطيافهم وأجناسهم ومللهم ونحلهم مما يمكنه من إستباق المشكلات وتخفيف والأزمات…
ما نراه اليوم لا يمت لهذا بصلة فكثير من المسؤولين لا يعرفون جغرافيا العاصمة فضلا عن المدن الداخلية وغيرها ولا يملكون البصر ولا البصيرة ولا الحنكة السياسية فيتعثرون عند أول أزمة ويتخبطون ويضيعون الأمانة…
أغلب هؤلاء لا يعرف جغرافيا تونس ولم يتجول في أزقة مدنها الضيقة ولم يمسح دمعة يتيم ولا أرملة ولم يمتط حافلة صفراء لونها تسيء الناظرين ولم تدمع عيناه لرؤية مكسور الخاطر…
للأسف إسترجع النبلاء الحكم في تونس فأساؤوا لها ولأنفسهم وضيعوا الأمانة ولا يزالون وأغلب من في الحكم الآن إما كان خارج البلد جسما أو خارجها روحا… وجميعهم لم يكن يهتم أصلا بحالها وجراحها…
أبناء النبلاء هؤلاء ومن يدور في فلكهم هجروا منذ الثمانينات مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا وأسواقنا وشوارعنا وملاعبنا ليعيشوا في عالم لا علاقة له بنا إلا من رحم الله منهم ممن حافظ على جيناته (منقولة) التونسية العميقة…
هؤلاء الأباعد في الداخل والخارج يحكمون البلد الآن ويسيطرون على كل مفاصلها داخل الدولة وخارجها ويعملون بالليل والنهار لتغيير وجهها الحضاري التونسي العربي الإسلامي المعتدل نحو منحوتة مشوهة لا غربية ولا شرقية ولا دينية ولا أخلاقية بغيضة…
هذا هو حال الحاكم أما المحكوم فرجع لسباته العميق وعاداته السيئة في قبول الضيم وحني الظهر وقابلية الإستحمار.
حكم البلد أمانة غالية جدا لوضعها بين أيدي المغامرين…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock