مقالات

استفتاء الأكراد خيانة العرب الثانية لاستئناف الأمة

أبو يعرب المرزوقي
لما كتبت أن حل قضية الأكراد في المشرق وقضية الأمازيغ في المغرب “بيدي لا بيد عمرو” ظن الكثير ممن لا يفهمون المثل أني مع تفتيت دول الإقليم. المثل يعني العكس تماما: وهو تجنب ترك مثل هذه القضية تفرض بحل يختاره اعداء شعوب الإقليم. فما قد يحصل بصورة مفروضة وضارة الأفضل استباقه. فاستباقه بحل يلغي ما يخطط له العدو هو الحكمة السياسية: فما سيجعل كردستان وأمازيغستان مدخلا لأمريكا وإسرائيل ينبغي منعه بأقل كلفة.
فكل تيار جارف ذي قوة عاتية لا بد من تسريبه كما يحصل في السدود لئلا تنهار بتقديم منافذ لتحد من قوته ومن دوافعه الشرعية لمنع تدخل الاعداء. لا يمكنك أن تؤسس دولة قومية وتمنع غيرك من نفس الطموح خاصة إذا كان قد عانى من فقدان حقوقه الثقافية بعملية تفريس أو تتريك أو تعريب عنيفة. فنشأة الدول القومية على النموذج الأوروبي بعنف شديد ألغى التعدد العرقي والثقافي وهو ما تجنبه الإسلام واستوردته دول الإقليم ومعه هذا الداء.
وتركيا وخاصة منذ أن حكمها حزب أردوغان، اعترفت بحقوق أكرادها رغم معارضة القوميين من الجانبين وخاصة من اليسار الكردي المتطرف لما تفاقم الوضع. وبخلاف إيران فتركيا لا تحكمها اقلية عرقية بل الانفصاليون هم الأقلية. فالخطر على تركيا اقل بكثير مما هو عليه الحال في إيران لكثرة القوميات. لذلك فرأيي أن على تركيا ألا تغامر بما قد يورطها فيه دهاة الإيرانيين لعلاج قضيتهم بتوريطها في حرب على قاعدة إسرائيل للرد على قاعدتهم في لبنان. ينبغي تجنيب الأكراد الانخداع كما خدعوا العرب في الحرب العالمية الاولى بالورقة ضد الدولة العثمانية: تركيا أولى بإحباط نفس الخطة بلاعب جديد.
لكن ما يحيرني هو غباء القيادات العربية التي تفرح بالانفصال الكردي عن تركيا خاصة. أما إيران فهم يخشونها لأنها سترد عليهم بسلاح الطائفية. وأكثر من ذلك، فيمكن لتركيا إذا هم واصلوا في تشجيع الاكراد على الانفصال وتمويل حركتهم كما مولوا الثورة المضادة ضدنا أن تستعمل سلاحا جديدا. فإذا كانت الإمارات هي المتزعمة لحركة الانفصال حربا على تركيا فمن اليسير أن تحرك تركيا حق الهنود في المواطنة الإماراتية وستكون القاتلة. فمجانين الإمارات يمولون كل مشاريع إسرائيل ضد كل شروط قوة الأمة وخاصة الاستئناف الإسلامي بقاطرتيه العرب بداية دولة الإسلام والأتراك غايتها. وطبعا فليسوا هم أصحاب الخطة بل أصحابها هم إسرائيل وأمريكا وأغبياء العرب يمولون خططهم فيكونوا مرة ثانية خونة للأمة كالحال في الحرب الأولى.
وما كنت لأكتب في قضية الأكراد مرة أخرى بعد كلامي على مأزق سايكس بيكو لو لم يكن ممثلا لخيانة عربية ثانية أخطر بكثير من خيانة الخلافة. ملوك الطوائف العرب أفقدوا الأمة عروسها الاندلس وحرمها الثالث وعراقها وشامها ومصرها ويمنها ويريدون اليوم إفقادها حرميها واستئناف السنة دورها.
إنهم ملعونون إلى يوم الدين. ولا يمكن أن يكونوا أحفاد البداية بل هم بقايا الباطنية التي تدعي التسنن تقية وهم أشد أعداء الإسلام والأمة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock