تدوينات تونسية

الميديا الإجتماعية: المصانع الجديدة للرأي العام

عبد الله الزين الحيدري
تناقش الدراسة التغيير العميق الذي حدث في الخارطة الإبستمولوجية للمجال العمومي الميدياتيكي، بفعل تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ودفع بظهور موجة جديدة من التفكير المبني حول دور شبكات التواصل الاجتماعي “الفعَّال” في توجيه الرأي وصناعته.
ملخص
تناقش الدراسة التغيير العميق الذي حدث في الخارطة الإبستمولوجية للمجال العمومي الميدياتيكي، بفعل تطور تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ودفع بظهور موجة جديدة من التفكير المبني حول دور شبكات التواصل الاجتماعي “الفعَّال” في توجيه الرأي وصناعته. وبدأ يَتَشَكَّل في الأوساط الأكاديمية نسقٌ فكريٌّ مغالٍ للدور الذي تُؤَدِّيه الميديا الاجتماعية في الحشد والتعبئة، إلى حدِّ إحياء نظرية الرصاصة السحرية من جديد، واعتبارها المرجعية العلمية لفهم الثقل الميدياتيكي في المستوى الوظيفي لشبكات التواصل الاجتماعي. وقد عزَّزت نماذج كثيرة من الاستخدام الناجح لشبكات التواصل الاجتماعي هذا النسق الفكري، ولاحت بمثابة الدليل الأمبريقي الذي لا يقبل التشكيك في نجاعة الميديا الاجتماعية كوسط ميدياتيكي تتحوَّل فيه الأفكار إلى قوة فاعلة في المجتمع. فمن أحداث ما أصبح يُعْرَف بالربيع العربي، أواخر 2011، الذي أدَّت فيه مواقع التواصل الاجتماعي دورًا مركزيًّا في اندلاع الثورة بتونس، إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية، سنة 2012، التي حقَّق فيها المرشح الديمقراطي باراك أوباما فوزًا ملحوظًا، مُسْتَفِيدًا من قوة الإعلانات على شبكة الإنترنت، إلى حادثة الانقلاب العسكري الفاشل بتركيا، في 15 يوليو/تموز 2016، وقد لاحت خلالها شبكات التواصل الاجتماعي بمثابة المنقذ الفريد لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان. وتطول قائمة الأمثلة الناطقة بدور الميديا الاجتماعية في صناعة “المعجزات” بأصنافها السياسية والاقتصادية والثقافية.
وتُحَاجِج الدراسة بأن التسليم بصحة قوة التأثير التي تتمتَّع بها شبكات التواصل الاجتماعي، هو، من وجهة نظر سوسيولوجية، إغفال لشبكة العناصر الإنسانية والتقنية الـمُؤَلِّفَة لواقع الأحداث المركَّب؛ لأن الأحداث لا تصنعها تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ولا تقودها، بقدر ما تكون وليدة لنسيج مُعَقَّد لتفاعلات إنسانية-تقنية (humano-technical)، وهذا الذي تسعى دراسة الحالة إلى الكشف عنه باعتماد مقاربة نظرية حديثة؛ إذ يحاول الباحث تفكيك عناصرها ضمن معادلة رياضية، هي الأولى من نوعها في الكشف عن قوة تأثير الميديا الاجتماعية، التي يصفها بـ”المصانع الجديدة للرأي العام”. وتوصي الورقة بضرورة تخطِّي الدراسات الإعلامية لبراديغم التبسيط القائم على البحوث الوصفية ودراسات الجمهور التي تَسْكُنُها استنتاجات مُنَمْذَجَة وأرقام باهتة لا تجيب عن أسئلة المجتمع، ولا تُقَدِّم إضافة للعلم؛ وهو ما يتطلَّب من وجهة نظر الباحث التَّصدِّي لفهم المشكل الإعلامي والاتصالي بذهن مفتوح على حقول معرفية مختلفة في إطار ما يُسَمِّيه بالمقاربة “التَّنَاهُجِيِّة” التي تتيح تثبيت أسس منهجية وإبستمولوجية جديدة لعلوم الإعلام والاتصال وتمكِّن من فهم أفضل لكيفية تحرُّك المعلومات وتحوُّلها من طاقة كامنة إلى قوة فاعلة في المجتمع.

الدراسة كاملة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock