تدوينات تونسية

قانون المصالحة: من يريد إسقاطه ؟

أحمد الرحموني
رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء
بتاريخ يوم 19 سبتمبر2017 وعلى الساعة الرابعة بعد الزوال، اودع المحاميان احمد الصديق وغازي الشواشي في حق 38 نائبا بمجلس نواب الشعب وذلك لدى كتابة الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عريضة طعن في دستورية مشروع القانون الاساسي عدد 2015/49 المتعلق بالمصالحة في المجال الاداري والمصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب بتاريخ 13 سبتمبر 2017.
ويتضح ان العريضة -التي قدمت في الاجل القانوني واقصاه 7 ايام من تاريخ مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع القانون المطعون فيه- قد تضمنت ما يفوق العدد الادنى (30 نائبا) المطلوب لنظر الهيئة الدستورية.
ورغم ان المشروع المستهدف قد وجد لدى اطراف عديدة -احزابا ومنظمات فضلا عن عموم الناس- معارضة شديدة الا ان اقراره بالمجلس قد مثل تحديا للدستور ولمقتضيات المحاسبة ومكافحة الفساد اضافة لتعارضه مع مبادئ الثورة والعدالة الانتقالية.
ويشار الى ان مشروع القانون (الذي لم يتضمن اكثر من 8 فصول) لم بحض عند التصويت بمشاركة اكثر من 58.53% من مجموع النواب (217/127) وذلك بغياب 90 نائيا وهو ما يمثل 41.47% من جملة النواب.
كما ان التصويت لفائدة المشروع لم يتعد 117 صوتا (53.92%) توزعت بصفة متفاوتة على حركة نداء تونس (50) وحركة النهضة (31) وحركة مشروع تونس (14) والكتلة الوطنية (7) والاتحاد الوطني الحر (6) وكتلة آفاق تونس ونداء التونسيين بالخارج (5) والنواب غير المنتمين (4).
ويلاحظ ان غالبية الرافضين للمشروع او كتلة “المترددين” قد اختارت اما الغياب او الانسحاب وخاصة في صفوف نواب حركة النهضة (32) والجبهة الشعبية (15) والكتلة الديمقراطية (12) وحتى حركة مشروع تونس (9).
لكن ذلك لم يمنع عددا محدودا من المعارضين من محاولة التصدى للمشروع عند التصويت بالجلسة العامة (5 من حركة النهضة و3 من الاتحاد الوطني الحر و1 من الحزب الجمهوري).
وفي ضوء ذلك يمكن التاكيد ان اغلبية الطاعنين في مشروع القانون لم يسبق لهم المشاركة في التصويت وهم بصفة اساسية نواب الجبهة الشعبية (15) ونواب الكتلة الديمقراطية (12) التي تضم ممثلين عن التيار الديمقراطي وحزب حراك تونس الارادة وحركة الشعب وحركة الديمقراطيين الاجتماعيين وبعض المستقلين.
واضافة لذلك يتضح ان ستة من النواب الذين عبروا عن رفضهم للمشروع بالجلسة العامة قد شاركوا في الطعن المرفوع لدى الهيئة الدستورية (وهم السادة عبد الوهاب الورفلي وتوفيق الجملي وعبد القادر بنضيف الله وطارق فتيتي والنذير بنعمو) في حين امتنع 4 من نواب حركة النهضة (السيدات والسادة منية بن ابراهيم وليلى الوسلاتي ومعز بلحاج رحومة ومحمدبن سالم) عن الطعن رغم معارضتهم لمشروع القانون (وكذلك الامر بالنسبة للنائب الوحيد الذي احتفظ بصوته وهو السيد البشير اللزام المنتسب الى حركة النهضة).
لكن الملفت للانتباه في قائمة الطاعنين -فضلا عن مشاركة السيد النذير بنعمو المنتمي اصلا الى حركة النهضة -هو صدور الطعن عن نائبين اثنين سبق لهما التصويت لفائدة المشروع وهما السيدة الفة الجويني ومحمد الأمين كحلول المنتسبان الى الاتحاد الوطني الحر وهو ما يطرح اشكالا من جهة المصلحة المستند اليها في رفع الطعن المذكور.
ويظهر ان الطعن الحالي قد نجح في استقطاب طيف متنوع من الاحزاب والتيارات المتعارضة (الجبهة الشعبية – الاتحاد الوطني الحر – حزب حراك تونس الارادة – التيار الديمقراطي – حركة الشعب – الجزب الجمهوري – تيار المحبة – حزب صوت الفلاحين – حركة الديمقراطيين الاجتماعيين) اضافة الى عدد من النواب المستقلين كالسيد عدنان الحاجي او حتى المنشقين كالسيد النذير بنعمو. ومن شان ذلك ان يبرز -ولو بصفة رمزية- اهمية الرهان وفاعلية التحرك الجماعي لجبهة المعارضة.
لكن يبقى التاكيد ان احزابا رئيسية (الجبهة الشعبية – الاتحاد الوطني الحر – حزب حراك تونس الارادة – التيار الديمقراطي – حركة الشعب) وعلى راسها الجبهه الشعبية تمثل النواة الاساسية لهذا “المسار القضائي” الذي ربما يكون الاوفر حظا لاسقاط هذا القانون؟!

بصدد طبخ عريضة الطعن في دستورية قانون المصالح(ة)

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock