تدوينات تونسية

وأخيرا مرّ قانون مصالحة الفاسدين بعد المصادقة عليه في البرلمان..!!

عبد اللّطيف درباله
لكنّها ليست هزيمة ولا فشلا للقوى التي تعارضه..
يجب أوّلا التنويه بأنّ القانون مرّ في نسخة معدّلة ومحدودة جدّا مقارنة بنسخته الأولى التي تمنّاها باعثه رئيس الجمهورية المفدّى الباجي قايد السبسي.. وذلك بعد أن وقع تقزيمه وتحجيمه.. إثر انتفاضة عدّة قوى سياسيّة وشعبيّة وإعلاميّة وجمعياتيّة ضدّه..
فقد كان قانون المصالحة في نسخته الأصليّة واسعا يشمل رجال الأعمال وسائر المستفيدين من نظام بن علي.. ويشمل أنواعا من أعمال الفساد ونهب المال العام واستغلال النفوذ.. وكذلك جرائم الصرف والعملة.. وغيره الكثير..
لكن في الأخير وقع حصره فقط في أهل الإدارة والموظفين وشبههم مثل الوزراء.. واشتراط أن لا يشمل العفو والمصالحة جرائم الفساد والرشوة ونهب المال العام والحصول على منافع شخصيّة..
إذا ما نظرنا إلى الأمر بطريقة شاملة وإيجابيّة.. فقد وقع تحقيق انتصار بنسبة 70 أو 80 بالمائة.. وهذا جيّد نسبيّا بالنظر إلى توازن القوى في الساحة السياسية اليوم..
الآن ظهر جليا وأكثر من أيّ وقت مضى.. أنّ هناك شريحة هامّة وواسعة وعريضة من الشعب التونسي لا تزال تؤمن بالثورة ومبادئها..
ولا تزال تقف ضدّ الفساد..
وضدّ عودة المنظومة القديمة..
وضدّ الرجوع إلى الوراء..
وتحلم بالتغيير الإيجابي..
لكنّ هذه الشريحة وهذه الفئة لا تملك للأسف آليات ووسائل فاعلة داخل المنظومة السياسية الفاعلة والحاكمة اليوم..
حتّى حركة النهضة التي نظر لها البعض بعد 14 جانفي 2011 باعتبارها الحجرة الكبيرة والصلبة والقويّة التي تسند قوى الثورة.. وترجّح كفّتهم.. لم تعد تستطيع أن تلعب ذلك الدور.. أو لم يعد يمكنها لعبه.. أو لم تعد أو ما كانت راغبة فيه.. ولم تعد أصلا معنيّة به كما تظهر علنا.. لأسباب تخصّها لنفسها ككيان.. وتخصّ ما تعتبره هي وجودها وأمنها وسلامتها.. ولا تخصّ عموم الشعب التونسي ككلّ من هذه الزاوية.. وبالتالي فلم يعد يمكن الاعتماد عليها في الخصوص..
اليوم يجب على كلّ القوى الحيويّة والسياسيّة والشعبيّة والجمعياتيّة والبشريّة المنفردة.. أن تؤمن بأنّها مطالبة بالتكتّل والتكاتف..
وأن تؤمن بأنّ الأعمال الارتجاليّة المتفرّقة.. على مافيها من جهد ومثابرة وإصرار.. لا أثر لها ولن تجدي نفعا على المدى الطويل..
لذا فإنّ عليها خاصّة الانتظام بطريقة منهجية ومدروسة.. في كيان ساسي قويّ يجمع كلّ من يتقاسم تلك المبادئ.. وأن يعملوا ضمن مجموعة كبيرة وموحّدة.. لكن بطريقة علميّة ووسائل سياسيّة صحيحة.. ليكون صوتهم مسموعا.. وأثرهم مؤكّدا.. ومجهودهم فاعلا وناجعا..
هؤلاء يحب أن يفكّروا كيف يجمعون صفوفهم..
وكيف ينتشرون في المجتمع..
وكيف يجذبون الناس معهم للتوسّع. .
وكيف يتحوّلون إلى قوّة سياسيّة جديدة تجد لها مكانا في منظومة الحكم ومؤسّساته.. لتكون مؤثّرة وفاعلة..
من يمكنه أن يكون قادرا على تجميع هذه القوى وتوحيدها وتوجيهها ؟ ؟ ؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock