تدوينات تونسية

عندما يفلس السّياسيّون: يصدرون صكوك الوطنيّة والمدنيّة

صالح التيزاوي
النّائب العلوي عن الجبهة الشّعبيّة بمجلس نوّاب الشّعب في موقفه من الحكومة بعد التّغييرات التي أدخلت عليها يقول: بأنّ 2011 شكّل لحظة فارقة في تاريخ تونس (وهذا صحيح).
وكان من المؤمّل أن يقع تفكيك النّظام القديم، ويبنى نظام جديد… (وهذا صحيح). يا النّائب: هل كنتم إذا تفكّّكونه في اعتصام “الرّزّ بالفاكية”؟ أم تعيدون رسكلته و تركيبه؟ ألم تكونوا واجهته وعكّازه؟ وهل تفكيك النّظام القديم يكون بقطع الطّريق على الدّكتور المرزوقي؟ ألستم إذا من فتح الطّريق للنّظام القديم؟ يمضي العلوي في تقييم الحكومة، ولكنّه يركّز انتقاده على الحزب الثّاني المكوّن للحكومة، أمّا الحزب الأوّل، حسب “النّظريّة العلويّة”، فيشتمل على كفاءات، ويذكر مثالين من رموز النّظام القديم الذي كان يتحدّث عن تفكيكه. وهي شهادة تثلج صدور النّوفمبريين وتعطيهم مبرّرا لترذيل الثّورة.
النّائب المذكور في غمرة “التّخميرة”ألايديولوجيّة” يعطي لنفسه “دورا جديدا”، إسناد “شهادات في ثبوت الجنسيّة” (بعد أن أسند شهادة الكفاءة النّوفمبريّة) لمن يريد ويسحبها من حزب بأكمله بدعوى أنّ عينيه مازالت على قطر وعلى تركيا وعلى الإخوان.. وعلى من لا يرغب هو فيهم. وهذا حسب رأيه أمر في غاية الخطورة، كفيل بتجريدهم من حقّ المواطنة، وحتّى من المدنيّة إن لزم الأمر. أليست تلك،كانت مهمّة النّظام القديم الذي تتحدّث عن تفكيكه.
لكأنّي بالرّفاق في غياب البرامج أصبحوا يوزّعون صكوك الوطنيّة، تماما كما كان يفعل الكهنوت الدّيني في عصور الظلام عندما كان يصدر صكوك التّوبة والغفران. لعلّ لكلّّ زمان كهنته. وبدل التّفتيش عن حلول لأزمات البلاد شغلوا أنفسهم بالتّفتيش في ضمائر النّاس، علما بأنّهم استبسلوا في إقرار مبدإ حرّية الضّمير في الدّستور، ولا خلاف لنا مع ذلك ولكنّ الرّفاق كعادتهم، تصبح المبادئ لا وزن لها عندما يتعلّق الأمر بخدمة الأيديولوجيا وترذيل الخصوم.
ثمّ أيّها النّائب من أعطاك هذا الحقّ وانت لا تملكه أصلا ولا يملكه غيرك؟ مشكلة النّائب ليست مع الإستبداد وإرثه، وإنّما مع من أعينهم منفتحة على تركيا. لست أدري، هل العيب في الإنفتاح أم في تركيا؟ قمّة الإسفاف والإفلاس أن يعتبر الإنفتاح على دولة عربيّة عضو في جامعة الدّول العربيّة واخرى عضو في منظمّة المؤتمر الإسلامي وتتوفّر على مقوّمات الحداثة الحقيقيّة، قمّة الإسفاف أن يعتبر ذلك كلّه سببا لجرح مواطنين في وطنيّتهم.
ونودّ أنّ نسأل النّائب عن رأيه في من أعينهم على الإمارات وعلى قاتل الأطفال في سوريا، وعلى التّجارب الإنقلابيّة والدمويّة التي تشكّل تهديدا مباشرا للإنسان في حقوقه. كما تشكّل مصدر قلق للطّيف الدّيمقراطي في تونس. لا شكّ أنّ هؤلاء توانسة ربّما من الدّرجة الأولى على”المذهب العلوي” لأنّهم صدّقوا مثلك أنّ “يوسف العتيبة” سيكون حامل لواء العلمانيّة في العالم العربي، وأنّه صاحب رؤية فلسفيّة. أو لعلّكم صدّقتم أنّ العرب سيجدون طريقهم إلى الوحدة على يد سفّاح فشل في توحيد شعبه على امتداد أكثر من نصف قرن.
أدركت أنّ مشكلة تونس ليست في سياسات وإنّما في ذهنيّات إقصائيّة واستئصاليّة تعيش على نكبات غيرها، وتتمعّش من أنظمة الإستبداد… ستتعافى تونس من ازماتها عندما يتعافى العلوي وأمثاله من هكذا ذهنيّة ومن نبرة الإنتفاخ وخطاب الإستعلاء ومن الكفّ عن استدعاء التّجارب الدّكتاتوريّة. ما هكذا يكون تفكيك الأنظمة الإستبداديّة أيّها الرّفيق.

أيمن العلوي النّائب عن الجبهة الشّعبيّة

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock