تدوينات تونسية

حـــال الذبابـــة

نور الدين الغيلوفي
إذا اقتحمت عليك غرفتَك ذبابةٌ، فأنت بين أمرين:
الأوّل: أن تتحفّز لها وتستجمع كلّ تركيزك لمحاربتها.. وقد تخوض معها حربا تستنزف منك الوقت والجهد ثمّ ينتهي بك الأمر إمّا إلى قتل ذبابة، وذلك لا يعني في منجَز الأعمال شيئا.. وإمّا أن تضيق هي بك فتخرج من حيث جاءت بجناح فارغ وثانٍ لا شيء فيه.. ولن يكون جزاء خروجها من جنس ما أسرفت من جهودك..
الأمر الثاني: أن تتغافل عن ذبابتك ولا تبذل فيها من الوقت ما لا تستحقّ.. وستخرج ما لم تجد منك ما تحطّ عليه أو سيزول بها عمرُها وهي ترقب منك ما لن تظفر به…
دعوا الذباب وشأنَه.. فلن يكون له منكم إلّا ما كان من سَقَطكم…
يتحيّنون مواعيد الناس لينغّصوا عليهم أفراحَهم وما أعدّوه وليقطعوا الطريق على ثقافتهم وما ورثوه…
الأعياد عند الناس مناسبات لجمع المتفرّق ولتوحيد المشتَّت ولتقريب الأباعد في كنف الاحترام.. أمّا عند هؤلاء فهي مناسبات للمفاصلة وفرص للمكابرة ومواعيد للمجاهرة بالعدوان..
يغيبون في سبات لا حدّ له ولا ينتبهون إلّا على المناسبات الدينية لينهشوا بلا حدّ.. وقتها فقط يشحذون عقولهم ليرموا بها شعبا لا ذنب له إلّا أنه ماضٍ في قناعات لا توافقهم.. فيمضون في كيل الأذى ويمعنون في التحقير..
المسلمون في كلّ بلاد الدنيا يمارسون تديّنهم في حماية المجتمعات الحاضنة ولا يجدون حرجا في التوافق مع القوانين المرعية.. أمّا في تونس فكلّما عادنا العيد توقع الناس الأذى ممّن يرى في نفسه وصيًّا على الجميع..
لك أن تعتنق من الأفكار ما تشاء وأن تعتقد ما تراه.. ولكن لستَ مخوَّلًا بأن تمارس وصايتك على الناس…
الحرية مشاعة بين الكافّة.. واحترام القانون هو الفيصل فما الذي يحملك على التنغيص؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock