تدوينات تونسية

حديث الدقلة..

محمد ضيف الله
اسمه الحبيب السوسي، أحد الذين ناضلوا ضد الاستعمار الفرنسي، وكان ممن مالوا إلى الزعيم صالح بن يوسف. ثم.. بعد الاستقلال بسنوات اتجه إلى فرنسا التي كان قد قاومها فعمل فيها وقضى عمره. عم حبيب يعود بين الفينة والأخرى إلى موطنه بنزرت، وقد سبق أن اهتبلت فرصة وجوده في وطنه لأسجل معه شهادته التاريخية لفائدة المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر. وقد عاد منذ أيام والتقيته اليوم. وكان لقاء مفعما بالود والتاريخ والوطنية.
وإلى جانب ذلك.. لا أدري كيف تطرق الحديث معه إلى سوق الخضر والغلال بباريس التي تتزود بما لا يقل عن العشرة بالمائة من المنتوجات الفلاحية المغربية، بينما يقتصر الأمر على بعض المنتوجات التونسية، وعندما تساءلت عن وجود الدقلة التونسية في باريس، حدثني حديث التاجر العارف أنها كانت تنفرد بالسوق الباريسية، ولكن حلت محلها منذ سنوات الدقلة الجزائرية التي يشتريها المهاجرون التونسيون أنفسهم، والسبب هو أنه لا يغشاها غش، بينما الدقلة التونسية يعتبر الغش جزءا منها، حيث تعلو العلبةَ طبقة من التمور الجيدة وتحتها الرداءة. شيء يحشّم. يمكن للحريف أن يخطئ مرة ولكنه لن يكرر التجربة. بمعنى أن السوق يتقلص في المرة القادمة، وفي كل مرة يبحث المروجون عن أسواق جديدة، بعيدة أو “يمشي الجافل ويجي الغافل”. لقد تألمت للأمر مرتين. مرة أولى من أجل وطني ومرة ثانية من أجل موطني، وأضيف إليهما ألما ثالثا من أجل نفسي وأنا الذي كنت أظن أن أهلي لا يغشون.
حديث العم حبيب أصابني في مقتل. تملكني شعور من فقد شخصا عزيزا، أكثر من شخص، أهل، ربما أكثر. في وضع من يقبل التعازي.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock