تدوينات تونسية

ميراث النهضة وميراث المرأة

سامي براهم
إثارة مسألة المساواة في الإرث اختبار جديد لمدنيّة حزب النهضة الذي اختار التخصّص بما يعني أنّه ليس وكيلا عن الله وليس ناطقا حصريّا باسم الدّين نيابة عن المؤمنين، هو حزب له مهام في إطار ما يقرّره الدستور والقوانين وفلسفة السياسة المدنية، مشارك في رعاية الشّأن الديني بحكم مشاركته في أعمال السلطة التنفيذية والتشريعيّة، وملزم بالتدخّل في هذا المجال بما تقتضيه الصلاحيات المقرّرة للسلطتين من مناقشة قوانين وإبداء الرّأي في مؤسسات الحكم.
النهضة في تقديري يجب أن تتحرّر من الميراث القديم للإسلام السياسي الاحتجاجي الحامل لصورة المدافع الحصري عن الدين حتّى لا تحرج قاعدتها الحزبية والانتخابية، بل يجب أن تحرّر قواعدها ومنظوريها وتخلّصهم من ميراث هذه الصّورة النمطيّة القاصرة.
يجب أن يكون دين الشعب وهويته وقيمه في حماية كلّ الشّعب من خلال جمعياته ونخبه وضميره العامّ لا من خلال حزب يوظف الحماية لتعزيز حظوظه ورصيده الانتخابي، وهذا كفيل بتفنيد طرح من اعتبروا إثارة المساواة في الإرث مطبّا للنهضة إن هي وافقت خسرت قواعدها واتّهمت بالتفريط في ثوابت الدّين وإن هي عارضت خسرت شريكها في الحكم واتّهمت بمعاداة المرأة والتفريط في حقوقها، وكلاهما ربّما مكلف انتخابيّا.
يمكن أن تخسر النّهضة رصيدا هنا أو هناك ولكن لا يجب أن تخسر الخطوات التي أنجزتها في اتّجاه مدنيّة السياسة قطعا مع ميراث الإسلام السياسي الاحتحاجي.
أمّا ميراث المرأة فمسألة عمرها الافتراضي قصير لأنّها مسألة مغلوطة معرفيا وواقعيّا، قد تعيدنا من جديد إلى مربّع صراع الهويّات والتنازع بين حماة الدين وحماة الحداثة ولكن لن تضيف شيئا للنساء والمجتمع سوى مزيد من فوضى المفاهيم والقوانين والقيم.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock